إحسان الظنّ بالله عز وجلّ منَ العبادات والطاعات التي تدّل على سلامة إيمانِ العبدِ ويقينه برحمة الله تعالى، بحسب ما جاء في العشرات من آيات القرآن الكريم التي تحدثت بإسهاب عن مألات نافعة تنتظر العبد عندما يحسن الظن بالله بالتزامن مع عدم الآمان من مكر الله فحسن الظن بالله يجعلك لا تصاب بالقنوط من رحمة الله وفي الوقت نفسه تداوم علي فعل الخير والتقرب من الله بالطاعات .
الكثير من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة تحدثت بشكل تفصيلي عن أهمية وفضل حسن الظن بالله ، ذلك أنّ المسلم الذي يحسنُ الظنّ بالله تعالى يعيش متفائلاً بكلّ ما هو قادم وراضياً به طالما أنّه من الله، فما هو حسنُ الظنّ بالله؟
بل أن حسن الظن بالله وعدم الأمن من مكر الله وجهان لعملة واحدة؛ حسن الظن بالله لا يجعلك تيأس، عندما ترتكب ذنبا وتتوب يكون صدرك واسعاً لأن الله يقبل التوبة، لكن لا تتمادى فى المعصية و تعتمد على أن الله غفور رحيم،
فالمؤمن مطالب بالا يأمن مكر الله، فحسن الظن بالله هو نفسه عدم أمن مكر الله، بمعنى: افعل الخير .. امتنع عن الشر. ... أحسن ظنك ولكن لا تأمن مكره، لأنك لو لم تأمن مكره لزدت فى المعصية، ولو لم تحسن ظنك لذهبت الثقة بالله.
مناقب وفوائد شرعية عديدة يحصل عليها المؤمن الذي يحسن الظن بالله والذي يعني اعتقاد ما يليق بالله تعالى من أسماء وصفات وأفعال، واعتقاد ما تقتضيه من آثار جليلة، كاعتقاد أنّ الله تعالى يرحم عباده المستحقين، ويعفو عنهم إنْ هم تابوا وأنابوا، ويقبل منهم طاعاتهم وعبادتهم، واعتقاد أنّ له تعالى الحِكَم الجليلة فيما قدَّره وقضاه.
الرسول صلي الله عليهم وسلم حث المسلمين على حسن الظن بالله تعالى، ومن ذلك قوله عليه السلام: "لا يموتنَّ أحدكم إلا وهو يحسنُ الظنَّ بالله عزَّ وجلَّ ويعني الحديث هنا ألا يغفل العبد المسلم عن رجائه بالله وحسن ظنه به سبحانه حتى لا يفاجئه الموت وهو على حال من الغفلة وقطع الرجاء
إحسان المؤمن الظنّ بالله يجعله يطمئنُّ إلى ركن الله؛ فهو سبحانه لا يضيع رجاء عباده، ولا ينسى أملهم وثقتهم برحمته وفضله؛ فيكون حسنُ الظنّ بالله سبباً في انشراح صدورهم واطمئنان قلوبهم، قال تعالى: "وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ".
ومن البديهي الإشارة إلي ان التوكل علي الله يعد نتيجة طبيعية لحسن الظنّ بالله باعتبار ذلك سبباً في أنْ يطمئنّ العبد إلى أنّ الله سيكفيه ما أهمّه وأغمّ هبل أن العبد المذنبُ عندما يدرك بأنّ ربه عزّ وجل غافر الذنبَ وقابل التّوبَ، وأنّه سبحانه يعفو عن السيئات مهما بلغتْ إذا صدقت توبة عبده، قال تعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"
عفران جميع الذنوب إلا الإشراك بالله، إحدي ثمار حسن الظن بالله فإنّ العبد المذنب يُقبلُ على التوبة والإنابة لله تعالى وهو يحسن الظنّ بمولاه أنّه قد غفر ذنبه وتقبّل توبته بل وأغدق العطاء عليه وجعله من المقربين .
تعزيز ثقة المسلم بربه تبدو حاضرة بقوة كأحدي ثمار حس بالله سبحانه حيث يزداد قلبه المؤمن تعلّقاً بمولاه خاصة وهو يحسّ بالألم والحسرة على حال المسلمين وضعفهم وهوانهم على أعدائهم عندما يستقرئ سيرة النبي -صلى الله عليه وسلّم- وسيرة صحابته الكرام، وعندما يتدبّر فيها المواقف المشرقة التي تُظهر حُسن ظنّهم بالله تعالى رغم كل الآلام التي واجهها المسلمون في مكة المكرمة بداية الدّعوة الإسلامية، وفي رحلة الهجرة النبوية.
اقرأ أيضا:
أعظم وصية نبوية..وسيلة سهلة لدخول الجنةوقد ظهرت أقوي دلائل علي حسن ظن رسولنا الكريم بربه سبحانه وتعالي ، عندما علّم النبي -صلى الله عليه وسلّم- أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- والأمة من بعده درساً مهماً في حسن الظن بالله تعالى عندما أحسّ أبو بكر بخطر كفار قريش الذين يُلاحقونهم؛ فقال له -عليه السلام-: (ما ظنُّك باثنَينِ اللهُ ثالثُهما وجاءت النتيجة فورة متمثلة في نجاة الرسول صلي الله عليه والصديق من مكر المشركين وبعون من الله ومكافأة علي حسن الظن به
ومن الثابت أن هناك دوافع عديدة لحسن الظنّ بالله ه تعالى، وهي دوافع وردت دلالاتها في يات مختلفة في القرآن الكريم والسنّة النبوية، ومنها: إنّ معرفة المسلم بسعة رحمة مولاه عز وجلّ ويقينه الكامل بفضل الله العظيم على عباده يقوده إلى حسنِ الظنّ بربّه، فهو القائل سبحانه: (وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا" وجاء في الحديث القدسي: "إنَّ اللهَ جلَّ وعلا يقولُ: أنا عندَ ظنِّ عبدي بي إنْ ظنَّ خيرًا فله وإنْ ظنَّ شرًّا فله"؛
فالله تعالى يفعل بالعبد ما يظنّه العبد بالله، وفي الحديث إشارة -لا تخفى- في الحث على إحسان الظنّ بالله تعالى؛ فالمسلم يظنّ بالله خيراً في كلّ طاعاته وقُرباته؛ فيوقن بإجابة الدّعاء وقبول العبادة ويترجم ذلك بالإكثار من الطاعات وأداء الفروض والنوافل واخراج الصدقات زاليقين بأن فرج الله تعالي قريب مهما كانت الدوائر ضيقة والأوضاع صعبة.