مرحبًا بك يا عزيزتي..
لم أستغرب أفعال البنت الصغيرة، ولا تصرفاتها، وإنما الإندهاش والتعجب من الأب!
سر عدم الاندهاش من البنت، أنها فتاة صغيرة تعرضت لصدمات طلاق والديها، ثم وفاة أمها، مما أشعرها كما هو واضح بآلام الفقد الرهيبة، الذي نتج عنه عدم شعور ضاغط وعميق بعدم الأمان، ولأنها أمانها هو "بابا"، فلابد أن تحيط هذا الـ"بابا" بسياج يحمي من فقدها له بأي شكل، ولو كان هذا الفقد هو التعامل مع زوجته.
تحتاج البنت بلاشك إلى "ثيرابي"، لابد من علاج نفسي للبنت، لكي تتحرر من مشاعر عدم الأمان، والمخاوف التي تسجن نفسها فيها، وتتعلم عن العلاقات، والحدود، فتبدأ في ضبط تصرفاتها، وفهم مشاعرها، وتعديل أفكارها عن كل شئ، الحياة، الموت، الطلاق، زوجة الأب ، الأب، إلخ.
أما ما يفعله الوالد من استجابات لمخاوف ابنته، وعدم شعورها بالأمان، فهو يدل على قلة الوعي لديه في التعامل الصحي مع مشكلات ابنته النفسية.
لابد أن يدرك الأب أنه "رمانة الميزان" في ضبط العلاقة بينك وبين ابنته، وأن البنت محتاجة للعلاج من آثار الصدمات كما ذكرت سالفًا.
لابد أن يقود الأب حياتكم بطريقة متزنة، عقلانية، وبحسم واضح لحقيقة كل علاقة، ومقتضاها، وحدود كل فرد في هذه العلاقات، بدون لا تهور، ولا اندفاع، أو تراخي وإهمال.
من خلال العلاج النفسي ستعلم الأب كيف يساعد ابنته على النمو النفسي والاجتماعي، والنمو النفسي "الجنسي"، لها، بشكل سوي، وبدون هذا فهو يعمق بسلوكياته الحالية مشكلات ابنته النفسية، مما سيؤذيها الآن ولاحقًا في المستقبل.
أما دورك أنت فهو محاولة عقد صداقة مع البنت، وتوثيق العلاقة معها بدون حضور الأب، كقضاء وقت خاص معها، لطيف، عبر الحكي مثلًا، أو الطبخ لأكلة تحبها معًا، أو ممارسة أي نشاط مشترك تحبه البنت ويستهويك، والخروج للتنزه معًا، وشراء هدية لها، والاحتفال بعيد ميلادها، ونجاحها الدراسي، وهكذا.
عليك أيضًا تجاهل التصاقها المرضي بوالدها، وعدم ابداء أي مظاهر للانزعاج، بالكلام أو الاشارة عبر لغة الجسد مثلًا، ومن الممكن أن يحدث هذا من خلال تفهمك لحالة البنت النفسية ومعاناتها الدفينة بسبب الحرمان الأم، وحنانها، وعاطفتها، ومساعدة الأب لك بأداء دوره في توضيح طبيعة كل علاقة، وحدودها، من خلال معاملته، وبحسم، فلابد أن تفهم البنت أن دور "الابنة"، مختلف عن دور "الزوجة"، ولكل شكل ومكانة وتصرفات وحدود، وأن أحدهما لا يلغي وجود الآخر ولن يختطفه .
الصبر والتريث والهدوء أسلحتك يا عزيزتي، فالأمر ليس سهلًا لكنه ليس مستحيل.
لا تستدعي الطلاق، فعلاقتك بزوجك جيدة ولا ينبغي خسارتها من أجل سلوك مرضي من الممكن علاجه بالنسبة للبنت الصغيرة.
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.
اقرأ أيضا:
مختلفة مع زوجي حول ضرب أولادنا لتربيتهم.. ما الحل؟اقرأ أيضا:
4 أسباب تجعلنا نكرر تجاربنا المؤلمة