صحابي جليل شهد بيعة العقبة الثانية، والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم. كما شهد معركتي الجمل وصفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وتوفي في أول خلافة معاوية بن أبي سفيان.
هو الصحابي الجليل رفاعة بن رافع بن مالك رضي الله عنه الذي أسلم قبل الهجرة النبوية، وشهد مع أبيه رافع بن مالك رضي الله عنه بيعة العقبة الثانية، وكان أبوه فيها أحد نقباء الأنصار. ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى يثرب، شهد رفاعة معه المشاهد كلها. ولما حدثت الفتنة الكبرى بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، انحاز رفاعة إلى صف علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وشهد معه موقعة الجمل، ثم موقعة صفين، ويكنى رفاعة بأبي معاذ.
روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومما جاء: عن مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ، عن أَبِيهِ، وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قَالَ: " مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ "، أَوْ كَلِمَةً نَحْوِهَا، قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَهَا مِنَ الْمَلائِكَةِ.
وجاء عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة بن رافع الأنصار، عن أبيه، عن جده، قال: أقبلنا من بدر ففقدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فنادت الرفاق بعضها بعضا: أفيكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ وقفوا حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومعه عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فقالوا: يا رسول الله، فقدناك! فقال: إن أبا الحسن وجد مغصا في بطنه فتخلَّفت عليه.
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أنا مدينة العلم وعليّ بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه.
وعن رفاعة بن رافع أنه كان جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنها لا تتم صلاة لأحد حتى يسبغ الوضوء كما أمر الله يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين.
شارك في بدر مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان له فيها حادثة، إذ جاء عن معاذ بن رفاعة بن رافع عن أبيه قال : خرجت أنا وأخي خلاد إلى بدر على بعير لنا أعجف حتى إذا كنا بموضع البريد الذي خلف الروجاء برك بنا بعيرنا، فقلت: اللهم لك علينا لئن أتينا المدينة لننحرن، فبينا نحن كذلك إذ مر بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ما لكما؟ فأخبرناه أنه برك علينا فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ، ثم بزق في وضوئه ثم أمرنا ففتحنا له فم البعير فصب في جوف البكر من وضوئه، ثم صب على رأس البكر، ثم على عنقه، ثم على حاركه، ثم على سنامه، ثم على عجزه، ثم على ذنبه، ثم قال: اللهم احمل رافعا وخلادا، فمضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقمنا نرتحل فارتحلنا، فأدركنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم على رأس النصف، وبكرنا أول الركب، فلما رآنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضحك فمضينا: حتى أتينا بدرا حتى إذا كنا قريبا من وادي بدر برك علينا، فقلنا الحمد لله فنحرناه وتصدقنا بلحمه.
شارك في أحد ونقل حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودعاءه، فقد روي عَنْ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْكَفَأَ الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «اسْتَوُوا حَتَّى أُثْنِيَ عَلَى رَبِّي» ، فَصَارُوا خَلْفَهُ صُفُوفًا، فَقَالَ: «اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، اللهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا بَسَطْتَ، وَلَا بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ، وَلَا هَادِيَ لِمَنْ أَضْلَلْتَ، وَلَا مُضِلَّ لِمَنْ هَدَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ، وَلَا مُبَاعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ، اللهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ، وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ، اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالْأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ، اللهُمَّ عَائِذٌ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا، وَشَرِّ مَا مَنَعْتَنَا، اللهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ، وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِهَ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ، اللهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ، وَأَحْيِنَا مُسْلِمِينَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ، غَيْرَ خَزَايَا، وَلَا مَفْتُونِينَ، اللهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ إِلَهَ الْحَقِّ.
توفي رفاعة بن رافع رضي الله عنه في أول خلافة معاوية بن أبي سفيان، سنة 41 هـ أو 42 هـ، وكان لرفاعة من الولد عبد الرحمن أمه أم عبد الرحمن بنت النعمان بن عمرو بن مالك، وعبيد وأم سعد الصغرى وكلثم أمهاتهم أمهات ولد، ومعاذ وأمه أم عبد الله سلمى بنت معاذ بن الحارث، وعبيد الله والنعمان ورملة وبثينة وأم سعد أمهم أم عبد الله بنت الفاكه بن نسر بن الفاكه.
اقرأ أيضا:
هل القلوب تصدأ .. وما الفرق بين "الران" و" الطبع" على القلب؟اقرأ أيضا:
"وكان أبوهما صالحًا".. قصة رؤيا عجيبة لوالد "الشيخ الحصري" قبل مولده.. كيف تحققت؟