البعض يرى أن الدعاء مجرد كلمات تخرج منها ولا يدرك معناها يطلب فيها على سبيل العادة ما يحلو له لكنه قلبه في واد آخر.
لكن الدعاء غير هذا فهو مناجاة وتذلل وخضوع وخشوع ويحتاج لنية لأنه عبادة ففي الحديث: الدعاء عبادة.. ولقد تعبد الله تعالى عباده بها ليعلم ن يخضع له ممن يتكبر عن سؤاله ويتعالى، قال تعالى: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ".. فأنت إذا سألت ربك رفع الضر عنك فإن ذا يعني أنك مفتقر إليه محتاج لا تقوى على فعل شيء وأنك ضعيف لا تقدر وإلا فلم سألت الله.
ومن يفعل هذا مع الله أن يذل لله وجهه فإن الله يرفعه ويلبي له سؤله ويستجيب دعاء فالدعاء خير كله. ذلك أن الدعاء الذي تدعو به إما أن يعجل الله لك به الإجابة في الدنيا أو يصرف لك من الشر مثله أو يدخرها لك في الآخرة وفي كل خير.
الله قريب من عباده:
وينبغي للمؤمن وهو يدعو أن يصطحب معنى أن الله سيستجيب لي وهذا من حسن ظن العبد بربه وأنه تعالى قريب ممن يدعو قال تعالى:" وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"، وأنه تعالى هو من أمر بالدعاء رغبة في تسديد خطاك وعدم وقوعك فيما يشق عليك فعله سوء خيرا تطلبه أو شرا تريد دفعه.
الحالات التي يستجيب الله فيها الدعاء:
ويستجيب الله تعالى لعبد المؤمن إن دعاه مخلصا له في دعائه غير متكبر وكان صاحب حق كأن كان مظلوما وقع ظلم عليه ولا يستطيع دفعه بشرط أن يحلى بالشروط الذي تشترط لإجابة الدعاء.
شروط إجابة الدعاء:
الأول : دعاء الله وحده لا شريك له بصدق وإخلاص ، لأن الدعاء عبادة قال تعالى : وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر: 60 } وفي الحديث القدسي : من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه . رواه مسلم
الثاني : ألا يدعو المرء بإثم أو قطيعة رحم ، لما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ، ما لم يستعجل ، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال ؟ قال : يقول : قد دعوت ، وقد دعوت فلم أر يستجاب لي ، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء .
الثالث : أن يدعو بقلب حاضر ، موقن بالإجابة ، لما رواه الترمذي والحاكم وحسنه الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه .
وأما الموانع فهي ضد الشروط المذكورة .
وأما أسباب الإجابة فهي :
الأول : افتتاح الدعاء بحمد الله والثناء عليه ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وختمه بذلك .
الثاني : رفع اليدين .
الثالث : عدم التردد ، بل ينبغي للداعي أن يعزم على الله ويلح عليه .
الرابع : تحري أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل ، وبين الأذان والإقامة ، وعند الإفطار من الصيام ، وغير ذلك .
الخامس : أكل الطيبات واجتناب المحرمات .
فوائد الدعاء وثمراته:
للدعاء فوائد وثمرات كثيرة يحصلها المؤمن الذي يدعو ربه وفق الآداب الماضية ومن هذه الفوائد ما يلي:
(1) سرعة الفرج وتفريج الكرب.
(2) إلقاء الهمّ على الرّبّ لحسن الظّنّ بالقرب.
(3) سلاح يتّقى به العدوّ وسوء القضاء.
(4) يجلب المصالح ويدفع المفاسد.
(5) يشغل العبد بذنبه وعيبه عن عيب غيره.
(6) مداومة الشّعور بالضّعف والحاجة، فلا يزال يدعو حتّى ينال حاجته.
(7) يعدّ من أجلّ أنواع العبادة، فيقصد لذاته كما يقصد لقضاء الحاجة ولدفع المضرّة.
(8) يدعو المسلم إلى التعرّف على الآداب الشّرعيّة.
(9) يشعر المسلم بأنّه في معيّة الحقّ دومًا.