الدين الإسلامي هو الدين الذ ارتضاه الله لعباده وقد ضمنه شرائع صالحة لكل زمان ومكان لا تتخلف عن مواكبة العصر بل تلبي حاجات الإنسان النفسية والمادية وتضمن له السعادة في الدارين الدنيا والآخرة.
هذا الدين أنثوي أم ذكوري؟
وفي حين كان الدين مكتملا صالحا لكل الأفراد يحقق السعادة والرفاعية للجنسين على السواء يصفه البعض بأنه دين ذكوري يغالي في الدفاع عن حقوق الذكور على حساب الإناث أو أنه أنثوي يراعي النساء أكثر، وهذا شيء لا يصح وهو على خلاف الواقع.
وبالتأمل نجد أن الله تعالى شرع الله لعباده ما يراعي مصلحة الرجل والمرأة، ويكلف كلا منهما بما يناسبه، ولا يصح أن يوصف بأنه ذكوري أو أنثوي، حتى لو فسر ذلك بما ذكرت؛ لأنه قصر للدين على جانب، ولأنه، مع نقصه وقصوره، وسماجته أيضا: متبع لأهواء أقوام من الناس اليوم؛ وكأن الدين لم يأت إلا بذلك، فإذا قيل: إنه أنثوي لأنه راعى المرأة وحقوقها وشرع لها ما يناسبها، فهذا يفهم منه أنه لم يراع الرجل ولم يعطه حقه، والعكس بالعكس. مع ما فيه من "الإدهان" الظاهر، والميل بشرع الله لإرضاء أهواء "الذكوريين" مرة، و"الأنثويين" مرة أخرى، ودين الله أجل وأعظم من ذلك كله.
مخاطبة المرأة يا ناقصة العقل والدين:
من جهته، أخرى يجب أن يحترم كلنا منا الآخر فيحترك الرجل المرأة وتحترم المرأة الرجل وليعلم الرجل أن المرأة إنما هي ناقصة عقل ودين ليس بإرادتها ومن ثم لا يجوز خطاب المرأة بقولنا يا ناقصة العقل والدين، أو يا نويقصة؛ لأن الخطاب بذلك إيذاء وإهانة، حتى لو كانت –في حقيقة الأمر- ناقصة العقل والدين، وهذا مثل أن يقال للمرأة حال حيضها: يا حائض، أو يقال لرجل ضعيف العقل: يا ناقص العقل، أو للعاجز: يا عاجز، أو لمريض بالبرص: يا أبرص.
ففرقٌ بين الإخبار عن حالة شخص أو جنس أو نوع، وبين المخاطبة بذلك.
نقصان العقل والدين:
والأصل تحريم إيذاء المؤمن أو المؤمنة، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا الأحزاب/58
فنقصان عقل المرأة ودينها ليس نقصانا عاما، وإنما هو فيما ذكرنا، وهو نقصان لا تذم به، لأنه ليس باختيارها، وإنما يذم الإنسان على ما يفعله باختياره، كما لو كان فاحشا أو بذيئا أو ظالما أو متهاونا في صلاته، فتعيير المرأة بالنقصان، هو كما لو قيل للأعرج: يا أعرج، وللأعمى: يا أعمى، فهذا كله إيذاء ممنوع، ومن احتج بالحديث على جواز ذلك كان جاهلا، ولهذا لا يعرف على مدار القرون أن صحابيا أو تابعيا أو فاضلا بعدهما كان ينادي المرأة: يا ناقصة، أو يا نويقصة؛ وقائل مثل هذا ظاهر الجفاء، والنطاعة، والجهل بموارد الخطاب الشرعي، ومقاصده.