لا يمكن أبدا التهاون في استخدم لدعاء كما يفعل البعض معتبرا أن الأخذ بالأسباب هو الأصل فالدعاء يعني الرجوع والخضوع واستمطار السماء والتذلل لمن بيده الأمر وإلا فلا تنفع الأسباب دو مسببها.
ومن الأمور المرتبطة بالدعاء والتي كثر فيها الكلام التوسل ثناء الدعاء .. والتوسل له صور وله مواطن يشرع فيها ومن هذه الصور ما يلي:
صور التوسل:الأول: التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته، قال تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون)، فيقدّم العبد بين يدي دعاء الله تعالى الاسم المناسب لمطلوبه، كتقديم اسم الرحمن حال طلب الرحمة، والغفور حال طلب المغفرة، ونحو ذلك.
الثاني: التوسل إلى الله تعالى بالإيمان والتوحيد، قال تعالى: (ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين).
الثالث: التوسل بالأعمال الصالحة بأن يسأل العبد ربه بأزكى أعماله عنده، وأرجاها لديه، كالصلاة والصيام وقراءة القرآن، والعفّة عن المحرّم ونحو ذلك. ومن ذلك الحديث المتفق عليه في الصحيحين في قصة الثلاثة نفر الذين دخلوا الغار، وانطبقت عليهم الصخرة، فسألوا الله بأرجى أعمالهم.
ومن ذلك أن يتوسّل العبد بفقره إلى الله، كما قال الله تعالى عن نبيه أيوب عليه السلام: (أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)، أو بإقرار العبد بظلمه نفسه، وحاجته إلى الله، كما قال تعالى عن نبيه يونس عليه السلام: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين).
وليس التوسل بالأمور المذكورة مما يدخل تحت أنواع التوسل المشروع، فالذي يظهر عدم مشروعية هذا الدعاء.
تطبيقات عصرية للتوسل:ومن تفريعات التوسل ما ذكرته اللجنة العلمية لسؤال وجواب من بيان أن قول الإنسان: أسألك بحق الأذان، أو بحق الأيام الفضيلة، أو بحق رمضان، أو بحق العشر، أو بحق يوم الجمعة، فيه تفصيل: فإن أراد الداعي معنى يعود إلى أفعال الله تعالى: جاز، كأن يكون مراده بـ"حق يوم الجمعة"، أو "حق شهر رمضان"، أو نحو ذلك: فعل الله، الذي هو ما جعله لهذا الوقت المعين من حرمة وفضل، أو ما شرعه لعباده من تعظيم هذا الوقت المعين، أو نحو ذلك مما يعود إلى فعل الله تعالى الشرعي، أو الكوني القدري.
وأضافت إن أراد التوسل بنفس الأيام والأزمنة والأفعال المخلوقة، لشرفها وكرامتها: لم يجز، ومن إرادة أفعال الله، أن يقصد بقوله: أسألك بحق رمضان، أي بقبولك الأعمال فيه، وبإثابتك للصائمين، وهكذا.
وتلفت إلى أن هذا القصد لا يستحضره كثير من الداعين بهذه الألفاظ، فالصواب أن يقال: الأصل أنه لا يجوز الدعاء بهذه الأدعية، وأنه يمنع نشرها؛ لأنها من التوسل بالمخلوقات، مع أنه لا حاجة إلى ذلك، وفيه تكلف، وفي الأدعية المشروعة كفاية فالأصل هو منع الدعاء بهذه الأدعية، لما يحتمله الدعاء بها من معنى باطل ممنوع، وبعد المعنى الصحيح عن أذهان أكثر القائلين له، والداعين به، لكن من قصد بذلك: التوسل بفعل الله تعالى، فلا بأس به، وبكل حال، ففي الأدعية الثابتة غنية وكفاية من تكلف غيرها.