نتذكر المقولة الشهيرة التي وردت على لسان الممثل محمد هنيدي للممثل الراحل حسن حسني في إحدى المسرحيات، وهو يقول: (أنا قرينك يا زواوي)، فما هو القرين؟.. يفسر العلماء القرين بأنه مخلوق من أعلى طبقة من الجن وأقواها وأشرسها ومن صفاته المكر والعناد والخبث.
وبما أنه من الجن، فإن القرين -حسب العلماء- لا يُحرق ولا يموت فهو مقرون بالإنسان في الدنيا والله خلقه لأجل ذلك.. وتقوم وظيفته الأساسية على (الوسوسة)، وبالتالي التأثير على مشاعر الإنسان مثل تزيين المعصية وغير ذلك مما يضر الإنسان.
كما يستطيع التأثير على الأحلام، لكن لا يتعدى تأثيره أكثر من ذلك، والله عز وجل منحنا القدرة على هزيمته والتغلب عليها، فقط علينا بالتوكل عليه سبحانه في كل كبيرة وصغيرة، واليقين في أن الله يراقبنا أينما ذهبنا، قال تعالى يوضح ذلك: «إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ».
رؤية القرين
بالتأكيد لا يستطع الإنسان العادي أن يرى قرينه رؤي العين، كما أنه بالتأكيد لا يمكن محادثته.. أما فيما يتعلق بدخول القرين في أجسادنا فقد استبعد العلماء هذا الأمر تمامًا، خصوصًا أنه مخلوق من نار، وبالتالي لا يستطيع الدخول لأي جسم بشري وليست له القدرة على ذلك.
لكن بما أنه لا يحترق، فأين يذهب القرين بعد موت الإنسان؟.. يوضح العلماء أنه عند موت الأنسان تنتهي مهمة القرين ويذهب حيث شاء الله له أن يذهب.
أما عن دوره في حياة الإنسان، فهو دور مهم جدًا، وقد يكون دافعًا أساسيًا في توجهه وتحريكه حيثما يريد، لكن فقط إذا كان الإنسان بعيدًا عن طريق الله عز وجل.. فالقرين تارة يوسوس بالشر.
ولذا جاء الأمر بالاستعاذة من شر وسوسته في سورة الناس : «مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ»، وتارة ينسي الخير : «فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبّه»، وتارة يعد و يُمَنِّي النفس: «يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُوراً»، وتارة أخرى يقذف في القلب الوسوسة المرعبة : «إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ».
اقرأ أيضا:
تعرف على آخر وقت التكبير في عيد الأضحىالقرين والملائكة
قد يسأل أحدهم: هل يوجد قرين من الملائكة؟.. يجيب العلماء بالقول: كما أن هناك قرين من الجن، هناك قرين من الملائكة وهو يفعل عكس ما يفعله الشيطان، فالشيطان يأمر بالشر، والملاك يأمر بالخير، وكلاهما ليس لهما سلطان على اختيار الإنسان، فالإنسان يختار ما يشاء ويتحمل عواقب اختياره.
وفي ذلك، يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن ، وقرينه من الملائكة : قالوا : وإياك يا رسول الله ؟ قال : وإياي ،ولكن الله أعانني عليه فأسلم ، فلا يأمرني إلا بخير »..
أي إنسان يستطيع التغلب على هذا القرين، فقط بذكر الله عز وجل، فإنه يصغر ويتلاشى ويعود عن وسوسته وإضلاله، وأيضًا حين يقرأ الإنسان القرآن الكريم، فإنه يخنَس ويستَتِر.