هل معنى أن الإسلام دين السلام أن يرضى أتباعه بالذل؟

بقلم | محمد جمال حليم | الخميس 01 ابريل 2021 - 06:00 م

لا يتصور مسلم غير مسالم؛ فالسلام والإسلام قرينان.. ولقد كانت دعوة الإسلام للسلام رائدة وكلمة السر في فتح القلوب قبل البلدان بما يدعو به من تعاليم سمحة ومبادئ إنسانية.

ومن يتأمل في الإسلام ودعوته يجده قائمة على السماحة والسلام وعدم الشدة والعنف في مواجهة الآخرين وبهذا كتب الله له البقاء والانتشار في وقت قليل وأصبحت أمة الإسلام رائدة في كثير من العلوم والفنون لأنها تمسكت بهذه المبادئ.

ولقد ارتفعت دعوة الإسلام لكل ما من شأنه إنارة الطريق للآخر وإيصال الخير له ودفع الشر عنه مهما كان لونه أو دينه أو عرضه لذا انتشرت دعوته في آفاق الدنيا، بما يدعو إليه من معاني السلام السمحة، فالإسلام إذًا يحب الحياة، ويقدسها، ويحبب الناس فيها، وهو لذلك يحررهم من الخوف، ويرسم الطريقة المثلى لتعيش الإنسانية متجهة إلى غاياتها من الرقي والتقدم.

تحية الإسلام السلام:

ومن جميل ما يمكن لفت النظر إليه في هذا المعنى أن لفظ الإسلام مأخوذ من مادة السلام؛ لأن السلام والإسلام، يلتقيان في توفير الطمأنينة، والأمن، والسكينة، وأن رب هذا الدين من أسمائه "السلام"؛ لأنه يؤمن الناس بما شرع من مبادئ، وبما رسم من خطط ومناهج.

وحامل هذه الرسالة هو حامل راية السلام، لأنه يحمل إلى البشرية الهدى، والنور، والخير، والرشاد. وهو يحدث عن نفسه، فيقول: "إنما أنا رحمة مهداة"، ويحدث القرآن عن رسالته، فيقول: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، وتحية المسلمين التي تؤلف القلوب وتقوي الصلات وتربط الإنسان بأخيه الإنسان، هي السلام، وأولى الناس بالله وأقربهم إليه من بدأهم بالسلام.

تحية الإسلام السلام:

ومعلوم أن الإسلام رفع السلام شعارا حتى جعل تحية كل من يلاقي أخاه ففي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله جعل السلام تحية لأمتنا، وأمانا لأهل ذمتنا"، وما ينبغي للإنسان أن يتكلم مع إنسان قبل أن يبدأه بكلمة السلام، يقول رسول الاسلام صلى الله عليه وسلم: " السلام قبل الكلام "، وسبب ذلك: أن السلام أمان، ولا كلام إلا بعد الأمان، والمسلم مكلف وهو يناجي ربه بأن يسلم على نبيه، وعلى نفسه، وعلى عباد الله الصالحين، فإذا فرغ من مناجاته لله وأقبل على الدنيا، أقبل عليها من جانب السلام، والرحمة، والبركة.

السلام تحية أهل الجنة:

وتحية الله للمؤمنين تحية سلام: "تحيتهم يوم يلقونه سلام"، كما أن تحية الملائكة للبشر في الآخرة سلام: "والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم"، ومستقر الصالحين دار الامن والسلام. "والله يدعو إلى دار السلام". " لهم دار السلام عند ربهم "، وأهل الجنة لا يسمعون من القول ولا يتحدثون بلغة غير لغة السلام: "لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما. إلا قيلا سلامًا سلامًا".

وكثرة تكرار هذا اللفظ - السلام - على هذا النحو، مع إحاطته بالجو الديني النفسي، من شأنه أن يوقظ الحواس جميعها، ويوجه الأفكار والأنظار إلى هذا المبدأ السامي العظيم.

مفهوم السلام في الإسلام:

ليس معنى أن الإسلام دين السلام ان يرضى اتباعه بالتبعية والخنوع لكن دين يعز أبناءه ويرسخ كرامتهم ولا يجعلهم يقبلون الضيم والذل لكنه في الوقت نفسه يؤكد لديهم ان طلب الحقوق رهون بحسن الطلب والعنف لا يستخدم إلا في موضعه وبشروط أقرها الإسلام دين السلام... فالغزوات مانت إلا لترسيخ السلام والحرب وسيلة للسلام ونيل الحقوق ولذ كانت معظم الغزوات ردا على اعتداءات وليست ابتداء.. وبهذا يتضح الوسطية في تعاليم الدين.