اسم الله ( العدل ).. كيف ندرك المعنى الحقيقي لهذا الاسم؟.. لماذا هناك بعض البشر يشعرون بأنهم تعرضوا للظلم كثيرًا.. ولماذا هناك البعض الآخر ظلم ومع ذلك ظل مستمتعًا بحياته حتى وفاته؟.. وكأن المظلوم يتعذب مرتين .. مرة لظلمه ومرة لقهرته أنه يرى الظالم مستمتعًا بحياته؟!
كيف ندرك أن هذا إنما هو قمة العدل؟
لن ندرك هذا الأمر دون أن نعي ثلاثة أمور هامين جدًا :
١- أن الدنيا مرحلة مؤقتة جداً .. وأنها مكان امتحان وليست مكان جزاء ولا حساب .. ولو هناك بعض الناس تأخذ جزاءها من الدنيا فهذا ليس قاعدة عامة، وفي ذلك يقول المولى عز وجل: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۚ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ).. فإما ترى في الدنيا جزاءهم أو تموت دون ذلك .. وفي النهاية هم سيعودون إلى الله عز وجل، (العدل)، لاشك في ذلك أبدًا
٢- إدراك أن الزمن له بُعد آخر في حسابات الله .. قال تعالى: (وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ).. اليوم بألف سنة !.. فلو فرضنا أن هذا الظالم عاش ١٠٠ سنة، فهي ولا تسوى أمام الله بضع ثواني .. لذلك إياك أن تنتظر فيهم الإجابة على كل شيء، واسترداد كل الحقوق والتعويض عن كل نقص ..
٣- أن النقص والمنع وقلة الرزق ليسوا بظلم ، وإنما هي قوانين الله في الأرض .. وكل واحد يتعرض للسؤال بالطريقة الأنسب له التي حددها الله عز وجل .. فبدلا من أن تشغل نفسك كيف تلغي السؤال أو مشغول بسؤال غيرك .. انشغل بالإجابة أفضل !.
اظهار أخبار متعلقة
النقص والاحتياج
عزيزي المسلم، حتى النقص والاحتياج، من السهل جدًا أن تستعوض عنه بمعرفتك بالله عز وجل.. والله يصرف عنك أي شعور بالاحتياج حتى لو الظاهر نقص واحتياج !
الجزئية الأخرى في مسألة اكتشاف العدل الإلهي، أن تعرف جيدًا أن قمة عدل ربنا أنه بعظمته عادل مع المظلوم و مع الظالم !.. ربما مثلا: تجد أكتر إنسان شرير عمل خير بأي شكل في حياته .. لكن هذا الخير مقارنة بالشر الذي فعله يكافئه مجرد ثواب في الدنيا .. في شكل المتع الظاهرية التي تظهر عليه وهذا ليس له أي وزن مقابل عذاب الآخرة !.. إذن لا يجب علينا أن نعتقد نهائيًا أن الله يفتح على الظالم ويتركه بل ويمنحه كل شيء، وانتهى الأمر عند هذا الحد.. لا فالأمر لم ينته بعد.
الحساب ليس الآن
يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً ).. إذن نحن نعيش حياة الآن، لكن بالتأكيد هناك أيضًا موت ثم حساب وإما جنة أو نار .. ولو كل واحد سيأخذ حقه في الدنيا .. إذن ما فائدة يوم الحساب ولا الثواب أو العقاب .. لكن لو نفسك تحدثك أين عدل الله و رحمته ؟.. اقرأ في آيات الظلم .. ووعود ربنا .. ومنها قوله تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ).. فالله يتوعد أن الظلم لو كان في حبة خردل لن يتركها أبدًا.. هنا فقط اهدأ وكن على يقين أن الله هو العدل، وأن عدله سيقع لا محالة.