اسم الله ( الصبور ).. لماذا سمى الله نفسه بهذا الاسم.. لو تدبرنا الأمر سنجد أن ابتلاء سيدنا أيوب عليه السلام يقال إنه استمر ١٨ عامًا.. وأن ابتلاء سيدنا يوسف عليه السلام استمر ١٣ عامًا .. و سيدنا يعقوب ١٤ عامًا .. و سيدنا موسي ٤٠ عامًا .. الآن هذه الأرقام حين تسمع عنها كأنها ولا أي شيء أمام آلاف السنين التي مرت بعدها .. لكن وقتها كان الصبر صعب وليس سهلا بالتأكيد !
فما هو هذا الصبر ؟!.. هو لاشك شعور غريب أنك تتقبل الألم بصدر رحب.. (الفراق .. الوجع .. الأوضاع المفروضة عليك .. نتيجة تنتظرها .. قرار سيتم أو لا).. كل هذا تتقبله بهدوء و ثبات !.. لكن لاشك فإن الصبر أمرًا مختلفًا وليس (تقبل أو هدوء أو حتى ثبات ).. هو الصبر وفقط.
هو الصبر !
أحيانًا ما نقولها لبعضنا البعض: (اصبر .. و الحمد لله صابرين ).. ربما كتعود لكن الحقيقة أننا لا ندري ماذا يعني صبر ولا كيف نصبر ؟!
هذه ٤ نقاط تتضمن أهم خطوات تساعدك على الصبر :
١- أنك تدرك المقصود من معنى ( كن فيكون ).. وبالتأكيد ليست المقصود بها الامتثال المباشر الآني ، الآن وحالاً.. فهذا فهم خطأ لمعناها و لكن تفعيلها من خلال تفعيل السنن والقوانين ..فإذا خلقنا بكلمة كن فقد تطلب هذا بقاءنا في الأرحام ٩ شهور لتحقيق فيكون )..
٢- إدراكك أن الدنيا لها طبيعة محددة مبنية على النقص .. هنا اقرأ هذه الآية لتفهم، قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ )
نقص الأنفس : ليس شرطًا بالموت لكن ممكن بافتقادك لأدوار وأشخاص كان لهم دور في حياتك ..
نقص الثمرات : هو نقص النتائج لسعيك وبإدراك هذا ستتواجد بطانة داخلية لفكرة الصبر .. كأنك تجهز نفسك له..
٣- الجمع بين أول نقطتين ( كن فيكون مع إبتلاءات النقص ) سينتج عنه ، أنه سيتحقق من مفهوم (كن فيكون) الذي يريده المولى عز وجل ولكن بأفضل صورة مناسبة لك .. وفي الوقت المناسب .. لعلمه أن هذا إنما هو الأفضل لك ولمصلحتك ولاستغلال أفضل قدراتك وتربيتك تربية ربانية وفوق كل ذلك أن هذا الاختيار سيكون أيضًا مناسبًا لمنظومة الكون من حولك ..
٤- أنك تدرك فلسفة الوقت …. أن تعي أنه ليس هناك وقت طويل و وقت قصير !.. طالما تقضي وقتا سعيدًا ستشعر أن الوقت مر سريعًا.. أما لو كانت لحظات صعبة فستمر كأنها طويلة جدًا.
اظهار أخبار متعلقة
شعور مركب
إذن الصبر إنما هو شعور مركب .. من الإدراك و التوقع والتقبل والوجع مع الطمأنينة والاستسلام .. مع السعي لتفعيل النسيان !.. لأن النسيان هو من أكثر مبشرات الصبر .. ليس هو فقدان ذاكرة .. وإنما هو لطف الله عز وجل بعد الابتلاء، وتقليل الوجع أو الصدمة ..
من علامات الصبر هي :
(ثبات حالك في طريق الله برغم تغير أحوالك.. فهذا قمة الصبر ).. أن تكمل طريقك برغم كل الوجع ..
أيضًا هناك نوع مهم جدًا من الصبر .. ذكرَهُ الإمام أبو حامد الغزالي : (أشد أنواع الصبر كف الباطن عن حديث النفس ).. أن ترحم نفسك من الوسوسة والتحليل والتفكير، وكأنك مدبر لكل شئ وليس هناك رب في حياتك .. الرسول عليه الصلاة والسلام وصف الإِيمان في حديث قال: إن الإِيمان نصفان نصف في الصبر، ونصف في الشكر .. لماذا الاثنين: لأنه لو اجتمعا بشكل صحيح.. سينتج عنهما (الرضا) .. وهذه منزلة مختلفة تمامًا عن الصبر .. لأنك حينها ستستمتع بقضاء الله في كل صوره وأشكاله مهما كانت !.. فاللهم ارزقنا صبراً جميلاً يعينا على ابتلاءات الدنيا و يكون أولى خطوات الرضا يا رب العالمين.