اسم الله ( المَلِك ).. جاء في أكثر من موضع من القرآن الكريم، ومنها قوله تعالى: (رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ).. لكن ما هو المُلك الذي وهبه الله عز وجل لسيدنا يوسف ليفتخر به برغم أن كل أملاك الدنيا فانية، و المُلك لله وحده !؟
أيضًا هناك قوله تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ ).. وما هو المُلك الذي يأتيه الله عز وجل لعباده أو ينزعه منهم برغم أن الله وحده هو مالك كل شئ ؟
أعظم شيء من الممكن أن يملكه لك الله عز وجل في الدنيا .. أنك تمتلك نفسك !
سيدنا يوسف ربنا ملِّكه نفسه لما قاوم امرأة العزيز .. حينما قاوم مخاوفه من العواقب .. حينما قابل الابتلاءات بقوة و عزة .. وقال: ( رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ ).. مقولة قالها أحد زعماء أوروبا سابقاً: (ملكنا العالم ولم نملك أنفسنا )
إذن كل ما تملكه في هذا الدنيا فهو فاني .. أنك تربط الأموال والممتلكات والسلطة بالغنى والعزة .. فهذا من أكبر المغالطات .. (ياما ناس في مناصب وعايشين بشعور مذلة لأنهم تحت رحمة بشر توكلوا عليهم )!.
إحساس الفقر
أيضًا هناك كثيرون يملكون الثروة، ومع ذلك يشعرون طوال الوقت بالفقر، لأنهم لم يصلوا إلى ما يريدونه !.. كل هذا إنما هو الفاصل الوحيد الذي فيه إدراكك بأنك مهما عليت أو كبرت أو مهما حققت .. فأنت في النهاية مملوك لمالك الملوك..
تستمد منه فقط الشعور بالملكية ، تحررك من أهواءك ومن البشر .. مشاعرك وأفكارك وغناك وعزتك إنما تستمدها من مصدر واحد ( الملك ) ..
لو أدركت هذا، حينها فقط تستحق الهداية بأن يكون المُلك الوحيد الذي تملكه .. هو نفسك .. تستطيع أن تأمرها و تسيطر عليها وعلى أهواءها وأفكارها و وساوسها وهواجسها ومخاوفها ..
حينها ستكون ملك بإحساسك .. حتى لو في سجن مثل سيدنا يوسف ! لكن الله عز وجل يقول: (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاء) .. فهل تملُك النفس هو مشيئة الله لا تدخل للإنسان فيها ؟!
الله عز وجل تحدث عن الهداية بشكل عام .. أنها لا تنفصل عن اختيارات الإنسان، فقال تعالى : ( اللَّهُ يَهْدِي مَنْ ( يَشَاءُ ) إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ).. والطريق إلى الصراط المستقيم من أهم خطواته .. التعرف على الله، فالتعرف على نفسك و قدراتك و أدوارك في الحياة ..
اقرأ أيضا:
الإجازة الصيفية.. ممكن تغير حياتك كلها إن أدركت هذه المعانيصفات الله
حينما تتمعن و تعيش في معنى اسم الملك .. و تستمد من صفات الله وتعرف حجمك كمملوك .. هنا لاشك ستعيش عزة و حرية و قوة .. تغنيك عن أي ممتلكات دنيوية، كنت تعتقد أنها مفتاح للعزة وللأمان .. وسيكون سعيك لهم وتفانيك لكسبهم .. من باب السعي الذي أمرك به الله عز وجل، والأخذ بكامل الأسباب ليس من باب أن كلما أمتلكت أكثر سأؤمن نفسي أكثر .. وسيكون هذا السعي هو العزة والسند !
مسألة أنك تغير أفكارك وتوجهاتك وأهدافك من السعي .. مهمة محورية في خطواتك و طمأنينتك و راحتك وعزتك في الحياة .. ستسعى بهدوء وستعرف كيف تعيش مطمئن عزيز النفس في المنع وفي العطاء .. وهنا عش مع قوله تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ ).. ستفهم معنى اسم الملك الحقيقي.