"نحن أمام مخ تمت صياغة مساراته وخرائطه تحت تأثير قصف غير مسبوق من المحفزات السمعية والبصرية تشكل مشهدًا فسيولوجيًا وكيميائيًا غير مسبوق"، هكذا عبر الدكتور محمد المهدي أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر واصفًا الانسان المعاصر وعلاقته مع وسائل التواصل الاجتماعي، وتأثيرات ذلك على صحته النفسية .

وبحسب الدراسات  فهناك علاقة بين الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي،  وبعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق،  والسلوكيات القهرية،  والشعور بالوحدة ، والنرجسية، حتى أنه في عام 2012 اشتق Rosen ، Cheever ، and Crrier كلمة “iDisorder” (بمعنى اضطراب الإنترنت) ليصفوا العلاقة السلبية بين تكنولوجيا الإتصالات والصحة النفسية. وقد وجد الباحثون أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يزيد من احتمالات الإصابة بالاكتئاب الجسيم، واعتلال المزاج، والإضطراب الوجداني ثنائي القطب، والنرجسية، والشخصية المضادة للمجتمع ، والسلوكيات القهرية.

 التأثيرات النفسية المرتبطة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي

أولًا القلق والاكتئاب

رصدت العديد من الدراسات وجود ارتباط بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وارتفاع معدلات القلق والسلوكيات القهرية، وهناك دراسة حديثة أجريت على مجموعة من البريطانيين عام 2012 (Anxiety ، UK ، 2012) وجدت أن 45% منهم يشعرون بالقلق وعدم الارتياح حين لا يستطيعون الدخول على البريد الإلكتروني أو مواقع التواصل الاجتماعي، كما حدث تزامن بين ارتفاع نسبة الشباب الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي إلى 91% من الشباب، وارتفاع معدلات الاكتئاب إلى أكثر من 70% في الـ 25 سنة الأخيرة، وهذا ربما يشير إلى ثمة علاقة سببية بين هذا وذاك، فالمكتئبون هم أكثر الفئات استخدامًا لوسائل التواصل الاجتماعي، ولا زال السبب حتى الآن غير معلوم بدقة، ما إذا كان الاكتئاب هو السبب في ذلك أم أن وسائل التواصل هي السبب في الاكتئاب.

 ووجد (Rosen et al.، 2013) أن الأجيال الأصغر يتصفحون وسائل التواصل ربما كل ساعة أو كل 15 دقيقة وربما طول الوقت، ووجد أن هذه الفئة تصاب بالقلق أكثر حين لا يتمكنون من تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، وقد اشتق تعبير لتلك الحالة من التواصلية المستمرة وهو "زملة الشبح الاهتزازي"، وهي إدراك اهتزاز من التليفون المحمول على الرغم من عدم وجود اهتزاز حقيقي، وقد لوحظت هذه الظاهرة لدى عدد كبير من الناس. وهذه الظاهرة تعكس مظاهر القلق الذي يحدثه التليفون المحمول لدى هؤلاء .

ثانيًا: النرجسية

فبحسب الاختصاصيين،  النرجسيون هم أكثر الفئات استخدامًا لوسائل التواصل الإجتماعي إذ يجدونها وسيلة سهلة لاستعراض ذواتهم المتضخمة، وابراز انجازاتهم ونجاحاتهم والحديث عنها، والاستمتاع بانبهار الآخرين بهم، لذا فهم يصابون بدرجة اكتئاب أقل لدى استخدامهم  وسائل التواصل الاجتماعي، عمن سواهم، لتعزيز وسائل التواصل نرجسيتهم.

اظهار أخبار متعلقة

ثالثًا: الصورة المثالية ونقص تقدير الذات

يقول دكتور راشيل مايشاك بأن وسائل التواصل الاجتماعي تعزز تكوين صورة مثالية للذات، وفي الوقت نفسه قد يحدث العكس، إذ قد ينتج أيضًا شعور منخفض بالذات،  وشعور بعدم الجدارة، والكفاية، إذا ما قارن الشخص نفسه بالآخرين وما يعرضونه لديهم من مظاهر رفاعية وبذخ، أو إذا لم يحدث استجابة كافية لما يضعه الشخص على صفحته.

رابعًا: الغيرة

تعتبر مشاعر الغيرة من أشهر التأثيرات النفسية الناجمة عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وآكدها، وأكثرها شيوعًا، يثيرها حديث الناس عن أفراحهم، ورحلاتهم، ونجاحاتهم، وعلاقاتهم، وبيوتهم وملابسهم وممتلكاتهم  الأنيقة، إلخ، ولا ينفي هذا أن البعض ينشر أخباره السيئة درءًا للحسد.

خامسًا: نوعية التواصل

إذ بإمكان الشخص واختياره لنوعية التواصل أن يؤثر بشكل إيجابي على صحته النفسية، أو سلبي.

فبحسب الدراسات، من يتواصلون عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل إيجابي مع أصدقائهم وأحبائهم وأقاربهم، تختلف صحتهم النفسية إيجابًا مقارنة بمن يستخدمونها بشكل سلبي انعزالي ملئ بالصراعات،  والغيرة،  والخلافات الفكرية،  والأخبار المزعجة، إذ يكون هؤلاء  أكثر عرضة للاكتئاب، واضطراب الصحة النفسية .

اظهار أخبار متعلقة

اظهار أخبار متعلقة