يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ» ( الحشر 2).
لنظر إلى معنى (ما ظننتم)، ستجد أنها تعني قلق وانبهار بقوتهم .. بينما لو نظرت لمعنى (وظنوا)، ستجد أنها تعني يقين واغترار بقوتهم .. لكن هنا يأتي قوله تعالى: (من حيث لم يحتسبوا)، وهكذا يأتي الحل من نقطة لا يتوقعها أحد لكن ذلك جاء لأناس مؤمنين.. فاللهم ارزقنا إيمانا حقا ويقينا لا يتزعزع.. لأنه بالإيمان فقط تحل كل العقد مهما كانت.
الطريق إلى الحل
الطريق إلى الحل، إذن يحتاج إلى يقين في الله وثقة لا حدود لها، لدرجة أنه لو أقسم العبد على الله يقينًا في الله لأبره، هكذا علمنا رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم، حيث قال: «"رُبَّ أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره»، أنه لو حلف على شيء أن يقع ؛ ثقة بالله وحسن ظن به لأبره الله ، وقيل : معنى القسم في الحديث : الدعاء .. أي أن الإنسان طالما وقف بين يدي الله عز وجل كل ما عليه أن يثق يقينًا في الله عز وجل أيما يقين، وأجل يقين، ويدعو الله ويسأل بما شاء، ومؤكد سيجد ما يربو إليه.. فقط يثق وفقط لا يدعو بقطيعة رحم، سيجد كل ما يتمناه.
فعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله، وما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجب لي، فيستحسر، ويدع الدعاء».
اقرأ أيضا:
من ومضات شهر المحرم وفضائله.. كيف تلتمس النجاة كما التمسها موسى؟إذا سئل أعطى
الله أقرب إلى العبد من نفسه، لكن كثير من الناس ل يدركون كيف تكون المناجاة، فالأمر قد لا يحتاج لأن تكون بليغًا في اللغة، ولا شاعرًا قادر على اختيار الكلمات المناسبة، لكن فقط يحتاج لأن واثقًا في الله مقدرًا مكانته وذاته العليا، فعن بريدة قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله، الذي لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده، لقد سأل الله باسمه الأعظم، الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب».