من آثار الذنوب والمعاصي أنها سبب للضيق والهم والغم والحزن، وشدة القلق واضطراب النفس، يقول الله تعالى: «ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى»، وقال تعالى: «إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم». أي: في جحيم في الدنيا والآخرة.
ولكن هناك ذنوبًا إذا اقترفها العبد عجل بها عذاب الله لنفسه في الدنيا، لما لها من أثر عظيم عند الله سبحانه وتعالى، ومن آثار الذنوب والمعاصي أنها سبب لنزول العذاب والأمراض، فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله يقول: «إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمّهم الله بعذاب من عنده، فقلت: يا رسول الله أما فيهم يومئذ أناس صالحون؟ قال: بلى، قلت: فكيف يصنع بأولئك؟ قال: يصيبهم ما أصاب الناس ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان».
وفي سنن ابن ماجه من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: أقبل علينا رسول الله فقال: «يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن، لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون، والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان، إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل بأسهم بينهم».
عقوبة الدنيا وعقوبة الآخرة
وهناك ذنوب يعجل لفاعلها العقوبة منذ يوم فعلها، فالذنب إذا كان فيه تعدًّ على العباد فإن الله قد يجمع لفاعله بين العقوبتين: عقوبة الدنيا, وعقوبة الآخرة, عقوبة الدنيا ليشفي قلب المظلوم المعتدي عليه.
ومن هذه الذنوب التي تعجل بالعقاب في الدنيا:
الزنا
جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الزنا يورث الفقر ).
فليس ببعيد أن يبتلي الله تعالى الزاني بالفقر ، عقوبة على معصيته ؛ حيث تناول لذة من غير حلها ، فعوقب بأن حرمه الله الفضل والغنى ، وأرسل عليه الفقر والعنا ، والجزاء من جنس العمل .
النفاق الاعتقادي
فعذاب المنافقين يكون في الدنيا والآخرة, قال الله عز وجل: {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير} [التوبة:74] .
الكفر:
قال الله عز وجل: {فأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ} [آل عمران:56].
اقرأ أيضا:
8فضائل للنهي عن المنكر .. سفينة المجتمع للنجاة ودليل خيرية الأمة الإسلامية ..تكفير للذنوب ومفتاح عداد الحسنات إشاعة الفاحشة:
قال الله عز وجل: { إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [النور:19].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا, مع ما يدخره له في الآخرة من البغي, وقطيعة الرحم».
فعلى المسلم ألا يقترف الذنوب، وألا يستهين بها، قالت عائشة رضي الله عنها: «أقلوا الذنوب، فإنكم لن تلقوا الله عز وجل بشيء أفضل من قلة الذنوب». ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه، فإني أتوب في اليوم مائة مرة) رواه مسلم، وقال الله عز وجل: «وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ». وعلى العبد المؤمن أن يأخذ بأسباب المغفرة واجلها التوبة النصوح والاستغفار والاعتراف بالذنب والندم عليه.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد يذنب ذنباً فيتوضأ، فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله لذلك الذنب، إلا غفر الله له) رواه الخمسة. وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «أن رجلاً أذنب ذنباً فقال: أي رب! أذنبت ذنباً. أو قال: عملت عملاً، فاغفر لي، فقال تبارك وتعالى: عبدي عمل ذنباً، فعلم أن له رباً يغفر الذنب. قد غفرت لعبدي» متفق عليه.