دار الإفتاء المصرية ردت علي هذا التساؤل قائلة :فرض الله عز وجل الحج على عباده، وجعله من أركان الدين الحنيف، وذلك على المستطيع، قال سبحانه وتعالى: "وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ" "آل عمران: 97".
وبحسب الفتوي المنشورة علي البوابة الرسمية لدار الافتاء فقد قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الشريف عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ لَمْ يَحْبِسْهُ مَرَضٌ أَوْ حَاجَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ سُلْطَانٌ جَائِرٌ وَلَمْ يَحُجَّ فَلْيَمُتْ إِنْ شَاءَ يَهُوَدِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا» رواه البيهقي في "سننه".
وكذلك قال صلى الله عليه وآله وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «حُجُّوا قَبْلَ أَنْ لَا تَحُجُّوا» رواه البيهقي، فإذا ما توافر عند الإنسان المسلم الزاد وأمن الطريق والقدرة البدنية فإنه يجب عليه المسارعة لأداء فريضة الحج؛ لأنه لا يدري ماذا يكون غدًا.
وشددت فتوي دار الإفتاء علي ضرورة المبادرة والإسراع إلى أداء فريضة الحج، ولا يعمل على إسعاد ولديه وحرمان نفسه من أداء هذه الفريضة؛ فإن الأرزاق بيد الله تعالى، وهو مدبر الكون؛ قال عز وجل: "وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ""الذاريات: 22"،
وقال سبحانه وتعالى: "وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ" "هود: 6". وخاصة أن ولديه قد بلغًا وعملًا في مناصب تدر عليهما دخلًا لا بأس به، والله سبحانه وتعالى هو المستعان، وعليه التوكل وحده دون غيره، وقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا» رواه ابن ماجه. والله من وراء القصد، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وفي نفس السياق ردت الدار علي تساؤل نصه: لي ابن يعمل بالسعودية وأرسل إليَّ دعوة للحج على نفقته، فهل يصح أن أجعل هذه الحجة لوالدتي مع أنها ليست من مالي؟
الدار قالت في معرض رده علي هذا التساؤل بالقول :الحج عن الغير يكون من مال الحاجِّ، ويكون من مال الذي يُحَجُّ عنه، ويكون من مال غيرهما؛ أي بمال أجنبي عنهما، وبقدر تعب المكلَّف ونَصَبه ونفقته بقدر ما يحصل على الثواب تفضلًا من الله تعالى؛ فقد قال النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لعائشة رضي الله تعالى عنها فيما يخصُّ أجر عمرتها: «على قَدرِ نَصَبِكِ» أو قال: «نَفَقَتِكِ» رواه الشيخان.
اقرأ أيضا:
ما حكم الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان ومكانه ومدته؟.. الإفتاء تردالدار خلصت في نهاية الفتوي للقول : فلا مانع مِن حجكِ عن والدتكِ في هذه المرَّة التي تذهبين فيها بدعوة ابنكِ، بشرط أن تكوني قد حججتِ عن نفسكِ في عام سابق، ويكون الثوابُ لكِ ولوالدتكِ ولابنكِ؛ تفضلًا من الله تعالى وتكرمًا، "وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ" "البقرة: 105".