عزيزي المسلم، إياك، ثم إياك، إذا رأيت أحدهم مبتلى في بيته، أن تصفه بأنه ضعيف الشخصية، فهذا نبي الله نوح عليه السلام، كانت زوجته عاصية، لكنه كان عند الله نبيًا، وإياك أيضًا أن تسخر ولو للحظة ممن ينبذه قومه وتقول عنه (عديم القيمة والفائدة)، فهذا نبي الله إبراهيم عليه السلام كان منبوذاً في قومه ولكنه كان عند الله نبيا وخليلاً..
أيضًا إياك أن تسخر يومًا ممن ذاق طعم السجن، وتقول عنه (رد سجون) أو ( ظالم ومجرم)، فهذا نبي الله يوسف عليه السلام كان سجيناً ولكنه عند الله صديقاً، وإياك إياك أن تسخر من المفلس بعد غناه وتقول عنه (سفيه فاشل)، فهذا نبي الله أيوب عليه السلام أفلس بعد غناه ولكنه كان عند الله نبياً.. وإياك أن تسخر من وضيع المهنة بأن تقول عنه (قليل الشأن)، فهذا الحكيم لقمان عليه السلام كان نجاراً أو خياطاً أو راعياً ولكنه كان عند الله حكيما.. وإياك أن تسخر من الذي يذكره الناس بالسوء بأن تقول عنه (موضع شبهة)، فهذا نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم قيل عنه ساحر ومجنون ولكنه كان عند الله حبيباً.
إياك والسخرية
عزيزي المسلم إياك والسخرية، مهما كانت الظروف والمواقف، فأنبياء الله عز وجل وهم خير الناس جميعًا اصطفاهم الله عز وجل من بين كل البشر، ومع ذلك كثير منهم تعرض للسخرية والإهانة وربما التعذيب، وحتى القتل، كما حدث مع نبي الله يحي عليه السلام، فلا تسخر أبداً واجعل طبعك في هذا القول: «حسن الظن في الآخرين»، واعلم أن هؤلاء الذي تسخر منهم قد يكونون في حقيقة الأمر خيرا منك وإن بدا في الظاهر خلاف ذلك، قال الله سبحانه وتعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» (الحجرات : 11).
اقرأ أيضا:
لو ابتليت بهذا الفهم الخاطئ.. جدد العبودية لله وابدأ من جديدصفة إبليس
أوتدري عزيزي الذي يسخر من الناس، أن هذه الصفة تحديدًا، إنما هي صفة إبليس، الذي سخر من أبينا آدم عليه السلام، ورفض السجود له، وقال: «قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ» ( ص 76)، لذلك فإن الإسلام اعتبر السخرية من الناس من أكبر الكبائر.
ولذلك كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم يفرطون في تخوفهم وابتعادهم عن هذا الإثم العظيم، ومن ذلك ما روي عن عبد الله بن مسعود، أنه قال: «إن البلاء موكل بالقول، لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلبًا»، وهذا أمر مشهور عند العامة من قديم الزمن، وهو أن من سخر من شيء أو استهزأ به، فإنه يعاقب بمثل ما استهزأ به؛ سواءً أكان ذلك في نفسه أو في ذريته، قال تعالى: « مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ » (فصلت: 46)، إذن إياك والسحرية حتى لا يتحول الأمر وتقع في الأمر ويسخر منك الناس ذات يوم.