العشر الأواخر من ذي الحجة أيام فضلها الله تعالى على غيرها من الأوقات، وميزها عن أوقات أخرى، شحذاً للهمم والعزائم، وسعياً الي زيادة الحسنات، إذ تجتمع فيها أمهات العبادات من صلاة، وصيام، وحج، وغيرها، ولا يكون ذلك في غير العشر من أيام السنة

وقد حظت هذه الأيام عند الله بمنزلة عظيمة وكيف لا  هي أفضل ايام العام على الإطلاق والعمل الصالح فيها أحب الى الله مما سواها من الايام وفيها اجتمعت أركان الإسلام كلها من توحيد وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم وحج البيت فالأعمال الصالحة في نهارها من أفضل الأمور التي نتقرب بها عند الله.

الصحابةواستقبال عشرذي الحجة

وخلال هذه الأيام المباركة هناك عديد من الطاعات التي يجب التقرب بها إلي الله ومنها ذبح الاضحية يوم العيد، بر الوالدين، وصلة الأرحام والأقارب، وإفشاء السلام وإطعام الطعام، والإصلاح بين الناس، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحفظ اللسان والفرج، وقضاء حوائج االناس ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وعدم إيذاء المسلمين، وغض البصر عن محارم الله، وإسباغ الوضوء، والدعاء بين الأذان والإقامة، والمحافظة على السنن الراتبة، والحرص على صلاة العيد في المصلى ...

وكما جاء في الأثر كان صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم يصرون علي إحياء هذه الليالي بعديد من الطاعات والأعمال الصالحة منها لتوبة الصادقة : حيث اعتادوا أن يستقبلوا  مواسم الطاعات عامةً بالتوبة الصادقة، والعزم الأكيد علي الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة، وكما قال تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون).

اظهار أخبار متعلقة

وكذلك كان صحابة الرسول يستقبلون عشر ذي الحجة بالعزم الجاد على اغتنام هذه الأيام وكانوا يحرصون  حرصًا شديدًا على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة، ومن عزم علي شيء أعانه الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إتمام العمل، والله تعالى يقول: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا).

البعد عن المعاصي كان حاضرا بقوة ضمن عمل الصحابة في الأيام العشر من ذي الحجة انطلاقا من ان  الطاعات سبب من أسباب القرب إلي الله، فالمعاصي سبب رئيس من أسباب البعد عن الله، فقد يحرم الإنسان رحمة الله بسبب ذنب ارتكبه. ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)

عشر ذي الحجة واجتماع امهات العبادات

وعن فضل العشر الأوائل منذ ذي الحجة قال  الحافظ بن حجر: والذى يظهر أن السبب فى امتياز عشر ذى الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهى: الصلاة ، والصيام ، والصدقة ، والحج ، ولا يتأتى ذلك فى غيره، إلا أنه وللأسف الشديد هناك أخطاء يقع فيها الكثير من عوام المسلمين فى هذه الأيام ومنها: - أنها تمر عليه مرور الكرام، وهذا خطأ بين فلهذه الأيام فضل عظيم عند الله سبحانه وتعالى عن غيرها من الأيام الأخرى.

وكذلك جاء  فى صحيح الإمام الترمذي أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشرة - ومن الأخطاء أيضا عدم الاكتراث بالتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد ، لأن ربنا أمرنا بذلك (ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات) الحج، والأيام المعلومات هى العشر . قال الإمام البخاري : وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق فى أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما . شريطة ألا يكون هذا التكبير جماعيا . - كذلك نرى أن كثيرا من مسلمى اليوم لا يصومون يوم عرفة ، مع أن النبى صلى الله عليه وسلم حين سؤل عن صوم يوم عرفة قال : يكفر السنة الماضية والسنة القابلة .

اظهار أخبار متعلقة

بل أن الخطأ الأكبر الذي يقع فيه معظم المسلمين  يتمثل في عدم الإكثار من  الدعاء يوم عرفة ، حيث يفوّت الشخص على نفسه مزية الدعاء ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : خير الدعاء دعاء يوم عرفة .

وقد ادرك الصحابة والسلف الصالح ومن تبعهم قيمة هذه الأيام ، فتنافسوا على الخير والعمل الصالح فيها تنافسا عظيما، وكان سعيد بن جبير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادا شديدا حتى ما يكاد يقدر عليه . بل كان يدعو الى عدم إطفاء السُرج ، كناية عن طول القيام وكثرة الأعمال الصالحة فى هذه الأيام المباركة .

أخطاء تجنبها في عرفات

ما أقدم عليها الصحابة والسلف الصالح في عشر ذي الحجة استجابة لاوامر النبي صلي الله عليه وسلم  : افعلوا الخير دهركم ، وتعرضوا لنفحات رحمة الله ، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده ، وسلوا الله أن يستر عوراتكم ، وأن يؤمن روعاتكم . والتعرض لنفحات الله يكون بكثرة الدعاء والسؤال فى هذه الأوقات الفاضلة باعتبارها أوقات إجابة وتفضل من الله .