عزيزي المسلم، خذ من حكمة الشاعر الراحل الكبير أحمد شوقي هذه الحكمة واعمل بها من فورك: «دقات قلب المرء قائلة له: إن الحياةَ دقائق وثواني، فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها، الذكر للإنسان .. عمر ثانٍ»، نعم يموت الإنسان ولا تبقى سوى سيرته طيبة كانت أم غير ذلك والعياذ بالله.
فالمؤمن يتمنى ذلك ليعمر دينه ودنياه، ويزداد طاعة وإقبالًا على مولاه، وهو ما يحبذه الشارع الحكيم كما في الحديث النبوي الشريف عن سيدنا أَبي هريرة رضي الله عنه: أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «(لا يتمنى أحدكم الموت، إما محسنًا فلعله يزداد».
وفي رواية مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يتمن أحدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات انقطع عمله، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيراً»، وجاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من خير الناس؟ قال: «من طال عمره، وحسن عمله».
الحياة الحقيقية
عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن الحياة الحقيقية إنما هي التي فيها هدف وما ينفع الناس، وليست تلك التي يعيشها الإنسان لنفسه وفقط، فالزعيم الوطني الراحل مصطفى كامل يقول: «ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط»، ومن فإن البقاء يستمر بالذكر الحسن بعد الانتقال لدار البقاء، كما قال الله تعالى في شأن الشهداء: « وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ » (البقرة: 154).
فهؤلاء أحياء بما تركوا من أثر في حماية الدين والدنيا، وهذا ما أراده أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام بدعوته ربه: « وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ » (الشعراء: 84)، فأعطاه الله ذلك كما قال سبحانه: « وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا » (مريم: 50)، فكل البشرية تثني عليه وعلى ذريته، فهذا الذكر يعد حياة ثانية للمرء يعيش بها كأنه حي في جميع الأزمان.
عمل لا ينقطع
عزيزي المسلم، بعملك تعيش أبد الدهر، وبعملك أيضًا كأن لم تكن، والأمر إليك، فهؤلاء الصحابة عملوا لآخراهم فعاشوا بيننا حتى الآن وسيظلون كذلك حتى تقوم الساعة، فمن ذا الذي ينسى أبوبكر وعمر وعثمان وعلي وبلال وأبي ذر، وغيرهم كثير؟.. مؤكد مستحيل، فلتكن واحدًا من هؤلاء الذين يضعون عملهم في الأرض من المقبولين فيعيش أبد الدهر هو أيضًا.
وفي الهدي النبوي يقول عليه الصلاة والسلام: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، ومن ذلك أن يترك المرء جزء من ماله لله، فهذا سيدنا عثمان ابن عفان له حتى الآن بئر تخدم الناس، فكيف بنا نتخيل هذا الفضل!.. إنه فضل لا يمكن تخيله أو تصوره أبدًا.
اقرأ أيضا:
كيف تعرف أنك من المحسنين.. هذه أهم العلامات