عزيزي المسلم، تعلم أنه في العلاقة مع الله عز وجل يجب أن تكون مبنية على هدف واحد موقنًا فيه، وهو معرفة الله حق معرفة، فأول فرض فرضه الله على خلقه إنما هو معرفته، فإذا عرفه الناس عبدوه.
قال الله تعالى: «فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ» ( محمد 19)، فينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها فيعظموا الله حق عظمته، ولو أراد رجلا أن يعامل آخر طلب أن يعرف اسمه وكنيته، واسم أبيه واسم جده، وسأل عن صغير أمره وكبيره. فالله خلقنا ورزقنا ونحن نرجو رحمته ونخاف من سخطه أولى أن نعرف أسماءه وتفسيرها.
من هنا تأتي المعرفة
لكن من أين تأتي معرفة الله عز وجل على الوجه الأكمل؟.. لاشك هي تأتي من تدبر كتاب الله تعالى، والعمل به، والوقف عند حدوده، فضلا عن تعظيمه سبحانه، والإخلاص إليه، وأن يكره المسلم من كل قلبه كل فسوق وعصيان، وهنا تأمل عزيزي المسلم هاتين الآيتين الكريمتين: « إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ» (الإسراء: 9)، «قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» (المائدة 16،15).
إذن لمعرفة الله حق معرفة، عليك بالقرآن، فإن هذا هو بداية طريق الإصلاح، واتباع رضوان الله عز وجل، فمن فعل ذلك مؤكد وصل إلى ما يريد، ونال الهدف الحقيقي من العلاقة مع الله وهي معرفته جل معرفة.
اقرأ أيضا:
تعرف على آخر وقت التكبير في عيد الأضحىلذة المعرفة
عزيزي المسلم، إذا اتخذت خطوات في طريق معرفة الله، اعلم يقينًا أنك ستصل يومًا، وحينها ستشعر بلذة لم تشعر بها يومًا بمثلها أبدًا، لأننا بالأساس لا نستطيع أن نعبد الله إلا إذا عرفناه، فقد سأل نبي الله موسى عليه السلام ربه عز وجل: «أيْ ربِّ، أيُّ عبادك أخشى لك؟ قال: أعلَمُهم بي»، وصدق الله إذ يقول: « إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ » (فاطر: 28)، أي: العلماء به، والذين يعرفونه حق المعرفة.
ومن يعرف الله حق المعرفة إنما هو من يستحيي من الله وليس من الناس، ويخشى الله وليس الناس، ومن الخالق وليس المحلوق، وألا يكون الله أهون الناظرين إليه، فقد روى أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية ذات مرة على المنبر: « وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ » (الزمر: 67)، ورسول الله يقول هكذا بيده، فرجف المنبر برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قلنا: ليخرن به.