عزيزي المسلم، اكتب ما تعتقد ولا تخاف أن تنتقد فيه، واعلم أن لانتماءات تقود السلوكيات وردود الأفعال، سواء كانت هذه الانتماءات إلى أشخاص أو أفكار، لذلك من لا يمتزج سلوكه بدوافع صفاتية ربانية فإنه سيكون سلوكه دائما قاصر عن إدراك الكمال وسينتقد كل ما يخالفه، أما الكامل فإنه لا يبني لينتقد ولا ينتقد ليبني، وعليه، فمن ينتقدونك كثير منهم هذا حالهم ، حال من يريد أن يرى من يوافقه في فكرة أو شخص، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من هو، ومع ذلك كان يتعرض لنقد وهجوم شديدين، بل أنه عليه الصلاة والسلام تعرض لأذى كبير وكان يتحمل لأنه يعلم يقينًا أن ما عليه إنما هو اليقين الحق، فاثبت مادمت على الحق ولا يقلقك كيد الكائدين.
اهتمامات الناس
واعلم عزيزي المسلم، أنه إذا كان هدفك أن يصل فكرك إلى من يقبل لا من يرفض فلن يكون من يرفض هو محل اهتمامك وجهدك ووقتك، لأن الخلق لا يتفقون على فكرة واحدة فليكن جهدك لمن تتوافق تروسه مع تروسك لتدور عجلة أفكارك عبر المتوائمين لا المتعاكسين ، أما الاتهامات من الآخرين فهي سنة الأنبياء، فهذا نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، وقد قالوا فيه (ساحر أو مجنون)، ومع ذلك استمر حتى أظهره الله على الدين كله، ولو كره المشركون، ويقول المولى عز وجل يعلمنا أهمية الخلاف والاختلاف: «وَلا تَستَوِي الحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادفَعْ بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَينَكَ وَبَينَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَليٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ. وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيطَانِ نَزغٌ فَاستَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ».
أعن نفسك
عزيزي المسلم، أعن نفسك على الأذى، بالتوكل على الله، واليقين فيه سبحانه وتعالى، بأنه سيخرجك من حلق الضيق لأوسع طريق، وليكن نبيك الأكرم صلى الله عليه وسلم مثلك في ذلك، فهو قد خرج من وطنه مكة يخشى القتل على أيدي أهل بلده، إلا أنه مع يقينه في الله، نجاه الله، ليس هذا فحسب، وإنما يمنحه نجاحًا ونصرًا فريدًا، إذ ينشر الله على يديه الإسلام في كل بقاع الأرض، وأي نجاح يوازي هذا؟.. مؤكد لا يوجد، فحتى لو كان النقد يأتي من عدو فالثقة في الله هي الملاذ، قال تعالى: «وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ» (فصلت 34).
اقرأ أيضا:
رسالة إلى من يدعون الفقر حتى "يخذوا العين".. احذروا قلة البركة