كثيرون يسألون هذا السؤال: (أنا لماذا ظلمت؟ ولماذا الظالم يعيش حياته؟)، وأين هو عدل الله عز وجل.. هذه من أكثر الأمور التي تسبب يأسًا وإحباطًا .. حين ترى من ظلمك يعيش حياته بشكل عادي جداً !.. بينك وبين نفسك حتى لو لم تظهر هذا الأمر، فإنك كأنك (تعاتب الله) على ذلك، لأنك حينها تحسبها بقدراتك العقلية الضعيفة.. تريد أن ترى فيمن ظلمك على الاقل نفس الذي حدث لك، وتظل منتظر وتراقب وقوع المصاب عليه.. لكنك تفاجئ أنك كثيرًا ما تراه ظاهري أصبح حاله أفضل .. فتسأل نفسك، كيف ذلك، وهو ظالمك.
لاشك هو من المواقف المرعبة في حياة أي إنسان، يجعل تعيش في لخبطة غير عادية، وتسأل كيف يكون هو في كل هذه الوفرة والنعيم والنجاح ويعيش بشكل عادي كأنه يكافئ على ظلمه ! ..
القهر
هنا إما تكتم بداخلك وتستمر وتكمل حياتك.. وأنت في حالة قهر غير عادية، وكأنك لا تفهم ما يحدث، أو تخرج عن شعورك وتغضب من الله عز وجل، بل قد يصل الأمر حد أن يلحد أحدهم بسبب ذلك، والفكرة العامة المتعارف عليها أن الظالم لابد أن يأخذ جزاءه وأن ترى فيه هذا الجزاء .. لكنها فكرة مدمرة وتدمر لأن هناك كثيرين ماتوا مظلومين..
هذا هابيل مات مظلومًا على يد شقيقه قابيل الذي قتله ظلمًا.. وهي أول جريمة بين البشر .. لكن الموضوع له حسابات أخرى تمامًا.. وهي حسابات لو تأملنا فيها وأدركناها ستفرق كثيرًا في نظرتنا وتقبلنا و في ردود أفعالنا وفي سلامنا النفسي إذا تعرضنا لأي ظلم ..
وهنا أول سؤال نسأله : (هل هناك خلل في منظومة العدل في الحياة؟!)، بنظرتنا القاصرة وارد نراه خلل .. لكن لو تدبرنا الأمر قليلا سنجده حكمة الله عز وجل خلقه.
للرد على السؤال
حتى نرد على السؤال السابق، نحن بحاجة لأن نعرف بعض الأمور:
أن الرحلة التي نعيشها تتضمن: (عالم الذر الذي خلقت فيها أرواحنا .. ومرحلة النطفة داخل الرحم.. ومرحلة الحياة الدنيا. ومرحلة البرزخ وهي الموت.. وقيام الساعة.. ومرحلة يوم القيامة البعث و الحساب .. ثم مرحلة الجنة أو النار.. نحن الآن في المرحلة الثالثة وهي الدنيا وينقص لنا أربع مراحل.
وهذه المرحلة التي نعيشها إنما هي مرحلة الاختبارات، وهو ما أكده الله عز وجل لنا: (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ ).
لذا لو لم يتعرض من ظلمك لأي أذى، فلا تجزع لأنه مازال أمامه مراحل أخرى للحساب أكبر من تلك التي نعيشها الآن، وبالتالي أي نِعمة نراها على الظالم نضعها في مكانة عالية جداً .. على الرغم من أن متاع الدنيا ليس له أي قيمة عند الله عز وجل من الأساس.
قال تعالى: (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) ، فإياك أن تتعجل الانتقام، وإنما فقط كن على يقين في عدل الله عز وجل.