الثبات فى زمن الفتن من أعظم النعم التي يمن الله بها علي عبادة بل هو من أفضل الطاعات التي يجب علي العبد المؤمن الوفاء بها حتي ينال رضا ربه
خصوصا أننا نعيش الآن واقعًا مليء بفتن لا يعلم بها إلا الله، وظواهر سلبية عديدة وغيرها الكثير من الفتن التي نحتاج فيها عون الله تعالى أن يثبتنا ويبصرنا فيها بالحق، لذا يبدو من المهم في هذا السياق الاهتمام بوصايا الحبيب المصطفى صلوات ربي عليه في كيفية الثبات أثناء الفتن، من خلال أحاديثه الشريفة والصحيحة، وأقوال أهل العلم في ذلك..
وقد روي عن عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كيف بكم وبزمان يوشك أن يأتي يغربل الناس فيه غربلة، وتبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم فاختلفوا وكانوا هكذا وشبك بين أصابعه»، قالوا كيف بنا يا رسول الله إذا كان ذلك؟ قال: «تأخذون بما تعرفون وتدعون ما تنكرون وتقبلون على خاصتكم وتذرون أمر عوامكم»
من المهم الإشارة إلي ان قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يصرفها كيف شاء فعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث شاء ثم قال: اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك)) رواه مسلم
وهذه أمُّ سلمة رضي الله عنها تحدِّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر في دعائه أن يقول: ((اللهم مقلبَ القلوب، ثبت قلبي على دينك))، قالت: قلت: يا رسول الله، وإنَّ القلوب لتتقلب؟! قال: "نعم، ما خلق الله من بني آدم من بشر إلا إن قلبه بين إصبعين من أصابع الله، فإن شاء الله عز وجل أقامه، وإن شاء الله أزاغه"
ومن أفضل وسائل الثبات وقت الفتن أخذ الإنسان بما يعرف: والمقصود: أن يأخذ الإنسان بما يعرف أنه الحق ولا يدور في فلك الشبهات، ولا يصغي للبدع وأهل الأهواء ومصدره في ذلك الكتاب والسنة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث: «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي» (حسنه الألباني في منزلة السنة:13).
ثاني هذه الوسائل ترك ما ينكر: ففي الحديث الصحيح قال النواس بن سمعان الكلابي: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم؟ فقال: «البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس» (المسند الصحيح)، وعن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة»
أما ثالث وسائل الثبات فهي الإقبال على العلماء: فهم ورثة الأنبياء ومنارات الهدى فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الخير عادة والشر لجاجة ومن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين»
ومن الوسائل المهمة في هذا السياق ترك أمر العوام: فقد قال علي رضي الله عنه: "الناس ثلاث: فعالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا إلى ركن وثيق".
ولا يغيب عن هذا السياق : التسلح بالإيمان والتقوى. وقال تعالى في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الحديد:28].
وقد رصد أهل العلم في هذا السياق 5مثبتات في عصر الفتن أولها- القرآن الكريم :كما جاء في قوله تعالي (كذلك لنثبت به فؤادك) ..
أم وسيلة الثبيت الثانية في عصر الفتن فتتمثل في - قراءة السيرة وقصص الأنبياء : (وكلًا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك) .لما في ذلك من عبر وعظات تدعم قدرتك علي الثبات وتجاوز هذه الفتن .
أما ثالث هذه المثبتتات فتتمثل في العمل بالعلم مصداقا لقوله تعالي -: ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا) .
اقرأ أيضا:
رسالة إلى من يدعون الفقر حتى "يخذوا العين".. احذروا قلة البركة ولا يغيب عنا في هذا السياق الدعاء (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك).ناهيك عن – الصحبة الصالحة واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعدُ عيناك عنهم تريد زينة الحياة