عش بطبيعتك ودع التكلف.. بهذا أمرنا الإسلام

بقلم | محمد جمال | السبت 22 فبراير 2025 - 11:18 ص

أن تعيش بطبيعتك وتتعامل بفطرتك وتقول الحقيقة دون مبالغة هذه هي أخلاق الإسلام فما معنى أن تحاول أن تنسب لنفسك فضلا ليسلك بأنك مثلا حصت على كذا وكذا من الشهادات وانك من عائلة كذا وكذا أو تدعي صلتك بأشخاص مرموقين كعلى غير الحقيق مجاراة لغيرك وتكلفا منك.

لكن الصواب الذي دعا إليه الإسلام ألا تقول غير الحقيقة ولا تتعامل إلا بالصدق ولا تدعي ما ليس لك .. فالأرزاق من الله ولا تحاسب على رزق الله لك .. والتباهي فقط بالحسنات لا بما ملكت من الدنيا فالدنيا مهما بلغت بها فهي حقيرة زائلة والبقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير املا.

راقب الله فقط في أفعالك..ودعك من الناس:

لا تحاول أن تتكلف وتتصنع من اجل أن يفرح الناس بك .. او تجد من يتباهى بك .. أو مجاراة لغيرك حتى لا ينظرون إليك نظرة دونية كل هذا يهمك والأولى أن تلتزم بما أمر به الشرع الحكيم من أخلاق؛ فالتكلف قرين الكذب والخداع والغش والتكبر والتباهي وكل هذه أخلاق ذميمة نهانا عنها الإسلام، وقد نهى الشرع الحنيف عن التكلف والتصنع وإظهار الإنسان وجها آخر غير حقيقته، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:(نهينا عن التكلف)رواه البخاري، وقال الله تعالى {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}.قال السعدي: أن أدعي أمرا ليس لي، وأقفو ما ليس لي به علم، لا أتبع إلا ما يوحى إليَّ، وعن أسماء رضي الله عنها أن امرأة قالت: يا رسول الله إن لي ضرة فهل علي جناح إن تشبعت من زوجي غير الذي يعطيني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور " متفق عليه.

وقد ورد في شرح هذا الحديث ما قاله النووي رحمه الله من أن المتشبع: هو الذي يظهر الشبع وليس بشبعان، ومعناها هنا أنه يظهر أنه حصل له فضيلة وليست حاصلة ولابس ثوبي زور أي: ذي زور وهو الذي يزور على الناس بأن يتزي بزي أهل الزهد أو العلم أو الثروة ليغتر به الناس وليس هو بتلك الصفة وقيل غير ذلك.

رحمة الإسلام باتباعه:

ومن يتأمل الإسلام وحرصه على أتباعه يجد انه بهذا يريحهم من عناء التكلف وتحميل النفس أوزارها والتصنع الذي ضر صاحبه ويجعله ينظر فقط للناس ولا يهتم بنظر الله له فيصير كل همه إرضاء الناس وفقط، لكن الصالحين أنهم لا يقولون ولا يفعلون ولا يتصفون بشيء ليس له حقيقةً راسخة في قلوبهم، فلا يظهرون للناس صالح أفعالهم ويخفون قبيحها، و لقد كان السلف يسترون أحوالهم وينصحون بترك التصنع، فلا يمكن إذا قبول التصنع بأي حال حتى في العبادة.

صور من التصنع:

وقد ذكرت الأمانة العلمية لإسلام ويب صورا للتصنع انتشرت بين الناس وبينت حكم الشرع فيها من هذا حين نظر عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى شاب نكس رأسه، فقال: يا هذا ارفع رأسك؛ فإن الخشوع لا يزيد على ما في القلب؛ فمن أظهر للناس خشوعاً فوق ما في قلبه فإنما أظهر نفاقاً على نفاق، وعن كهمس بن الحسن: أن رجلاً تنفس عند عمر كأنه يتحازن فلكزه عمر " أو قال: فلكمه ".

واعتبرت أن الرياء من التصنع: الرياء الأصغر ومثاله التصنع للمخلوق وعدم الإخلاص لله تعالى في العبادة بل يعمل لحظ نفسه تارة ولطلب الدنيا تارة أخرى، ومن صوره أيضا ما يحدث في حفلات الزواج وغيرها من الحفلات من تكلف في الملابس ووسائل التجميل وغيره من المظاهر الفارغة حتى إنه في بعض المجتمعات إذا حضرت المرأة حفلا بفستان وأقيم حفل آخر في نفس الأسبوع فإن من الطقوس أن تشتري فستانا آخر ؛ إذ من العيب أن تلبس نفس الفستان مرتين، فهل هذا إلا الإسراف والسفه والتكلف.

والأولى من ذلك كله أن يرقب المسلم ربه ومولاه ولا يكترس بما يفعله أهل الدنيا ولا يهتم فقط برضاهم ومجاراتهم على كل حال لأن هذا يورث قلة الإيمان وضعف اليقين وعلى المسلم أن يبتعد عن التصنع للمخلوق، أو اكتساب محمدة عند الناس، أو محبة مدح من الخلق، أو أي معنى من هذه المعاني، سوى التقرب إلى الله، ولنتذكر وقوفنا بين يدي الله يوم القيامة { يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10)} (سورة الطارق).