قال فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن الإسلام لا ينظر إلى الوجود المادي الساكن نظرته لكائنات ميتة لا وعي لها ولا إدراك، بل على العكس ينظر إلى عوالم هذا الوجود من إنسان وحيوان ونبات وجماد بحسبانها موجودات حية تعبد الله وتسبحه في لغة لا يفقهها الإنسان، مؤكدا أننا إذا سلمنا بأنها كائنات تسبح فلا مفر من التسليم بأنها كائنات حية؛ إذ من البديهي أن الجسد الميت لا يتصور منه تسبيح ولا عبادة.
وأضاف فضيلته خلال كلمته في قمة قادة الأديان بشأن تغير المناخ تحت عنوان (الإيمان والعلم) والتي تعد تمهيدا لمؤتمر الأمم المتحدة السـادس والعشرين لتغير المناخ، أن قصة الخلق في القرآن كما هي في الكتاب المقدس السابق عليه تؤكد على أن أول إنسان نزل على الأرض نزل بوصفه خليفة عن الله فيها، استخلفه عليها بعدما أصلحها له وهيأها لمنفعته وخدمته في دقة مدهشة، وحكمة وعناية بالغة؛ ولذلك حذره من الإفساد فيها، بأي وجه من وجوه الفساد.
وأشار شيخ الأزهر إلى أن الله كلف الأنبياء بأن يحذروا أقوامهم من الإفساد في الأرض بعد إصلاحها، وجاء في القرآن الكريم أن بعض الناس سيفسدون في هذه الأرض، وسوف يذيقهم الله من المصائب في الأنفس والأموال والقوت جزاء ما عملوا؛ لعلهم يرتدعون، مشددا على أن الله استأمن الإنسان على الأرض، وأمره أن يتعامل مع سائر الكائنات معاملة الصديق للصديق.
ووجه فضيلته نداء لكل إنسان يقظ الضمير أيا كانت عقيدته - أن يقف بالمرصاد في وجه أي نشاط يضر بالبيئة، أو يفاقم من أزمة تغير المناخ، داعيا علماء الأديان ورجالها أن يقوموا بواجبهم الديني في تحمل مسؤولياتهم كاملة تجاه هذه الأزمة، مؤكدا أنهم مع ما يتمتعون به من تأثير روحي في كافة الأوساط، حتى عند صناع القرار وأصحاب المصانع والشركات، يستطيعون أن ينشروا بين الناس الوعي الديني بأبعاد هذه الأزمة، وبما يسهم في محاصرتها والتخفيف من أخطارها.
ويستضيف الفاتيكان أعمال مؤتمر قمة قادة الأديان من أجل تغير المناخ تحت عنوان (الإيمان والعلم)، بمشاركة القادة الدينيين والعلماء من حول العالم، بهدف إرسال نداء مشترك إلى المشاركين في مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين لتغير المناخ، والمقرر عقده في الفترة من 1 إلى 12 نوفمبر في مدينة غلاسكو، أسكتلندا، للتعبير عن مخاوفهم ورغباتهم في تحمل مسؤولية أكبر نحو كوكب الأرض، والتضامن للحد من الآثار السلبية للتغيير المناخي على البيئة واستدامة مواردهامن جانب أخر نفذ مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على مدى الأسابيع الماضية فعاليات مشروعه التوعوي «الأخلاق، والحريات، وبناء الإنسان» بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة في عدد من المحافظات المختلفة.
ويهدف المشروع إلى معالجة عدد من الظواهر السلبية، ودعم منظومة الأخلاق والقيم، بما يسهم في استقرار المجتمع، وضمان أمنه وسلامته، في ظل العديد من التحديات، ومن خلال عدة محاور، أهما:
- سمات الشخصية المصرية.
- الأخلاق ودورها في تقدم المجتمعات.
- معالجة الإسلام للظواهر السلبية في المجتمعات.
- الشائعات، وحرمة اختلاقها، وكيفية التصدي لها.
- الإدمان، وخطره، وكيفية الوقاية منه.
- المرأة، وتكريم الإسلام لها.
- حرية الاعتقاد، ورفض استخدام الأديان كأداة لإشعال الفتن بين أبناء الوطن الواحد.
وقد عُقد عدد من اللقاءات، والندوات، وورش العمل، في مراكز الشباب، ومديريات الشباب والرياضة في محافظات: (جنوب سيناء - القليوبية - أسيوط - البحر الأحمر - الوادي الجديد - المنوفية).
وشهدت هذه اللقاءات تفاعلًا ملحوظًا بين الحضور والمحاضرين، حيث تقدم هذه اللقاءات رسالة توعوية جديدة من نوعها بأسلوب علمي يراعي كل الفئات العمرية.
ويأتي هذا المشروع في إطار التعاون بين مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية ممثلًا في برنامجه للتوعوية الأسرية والمجتمعية، ووزارة الشباب والرياضة، ويعد واحدًا من المشروعات المشتركة بين المركز والوزارة، والتي منها:
- لقاءات البرنامج القومي لمواجهة الظواهر المجتمعية السلبية، ودعم الأخلاق الحميدة، والقيم المجتمعية الإيجابية تحت شعار: «بالأخلاق .. تستقيم الحياة».
- مبادرة: «مصر أولاً .. لا للتعصب».
- مبادرة: «رسولنا قدوتنا».
كما عُقدت دورات تدريبية لتأهيل المقبلين على الزواج، من خلال برنامج معتمد أعده مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، ووضع رؤيته متخصصون في الطب النفسي وعلم النفس والاجتماع وعلوم التربية والسلوك وعلوم الدين والشريعة.
ويهدُف هذا التعاون المثمر والمستمر مع وزارة الشباب والرياضة، إلى المساهمة في بناء الإنسان، وتحقيق العمران، وزيادة الوعي الديني والمجتمعي، وتصحيح المفاهيم، ومواجهة الأفكار المنحرفة والهدامة، وتعزيز قيم الأُخوة الإنسانية، ودعم منظومة القيم والأخلاق، والتكريس لحياةٍ أسريةٍ قويةٍ متماسكة، من خلال دورات متخصصة باستخدام وسائل التواصل الحديثة والميديا ومنافذها، أو من خلال اللقاءات الميدانية المباشرة في مراكز الشباب والأندية التابعة للوزارة.
هذا وقد عقد المركز على مدار ثلاثة أعوام العديد من اللقاءات، والندوات، وورش العمل، في كافة محافظات مصر وربوعها، شملت الجامعات، والمدارس، والمعاهد، ومديريات التربية والتعليم، ودواوين المحافظات، وفروع المجلس القومي للمرأة، والجمعيات الأهلية، والمستشفيات والمراكز الطبية، ومراكز الشباب، وقصور الثقافة، ومقرات الرائدات الريفيات، والتجمعات البدوية.
اقرأ أيضا:
ما المسجد الأقصى.. ولماذا يدافع المسلمون عنه؟وقد شهدت هذه اللقاءات تواجدًا كثيفًا من كافة الأعمار، وبلغ عدد هذه اللقاءات 45,000، واستفاد منها ما يقرب 3,7 مليون مواطن في كافة أنحاء الجمهورية من عام 2018م وحتى الآن.