عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن الذنب في حقيقته إنما هو تعرف على الله عز وجل ، لأن الذنب يبين قهر الله للعباد وهو يُعَرّف العبد على القهار؛ أن الله قهار، يُعَرّف العبد على القوة المطلقة، فأنت لا تريد أن تفعل الذنب وتحزن من الذنب ومع ذلك تقع في الذنب.
فهذا تعرف على اسم الله القهار، فمن لم يتعرف على اسم الله القهار في الذنب، كان ذنبه عليه شؤم وكان غير مفيد، أما من رآه تعَرُّف على الله عز وجل، وما ذلك إلا لأن الذنب من أعمال البشر وفساده، وبالتالي عليه العودة سريعًا، وإلا نال عقاب الله.
يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: « ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ » ( الروم: 41).
التعرف على الله
إذن كيف يقطعني بالله شيء، وهو بالأساس وسيلة التعرف عليه؟، وكيف يقطعني شيء هو بالأساس يُعَرّفني أن الله عز وجل بعد أن تسوء علاقتي معه يحسن هو علاقته معى، وكيف يقطعني شيء يكون هو باب يفتح على معاني كثيرة كنت لا أعلمها عن الله عز وجل.
يقول أحد الحكماء: «كيف تقطعني عنك الذنوب وفي حقيقتها تعريف بك »، قال تعالى: «وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ » (الشُّورَى: 30).
الأساس أن الإنسان عندما يقع في الذنب عليه الإسراع في التوبة، وليس الاستمرار والإصرار عليه، لأن التوبة تعني رضا الله عن العبد، بينما الإصرار عليه، لا تعني سوى منتهى الغضب، وبالتالي النتيجة ستكون مأساوية.
وصدق الله إذ يقول: «وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ * وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ » (الشُّورَى: 44-45).
اقرأ أيضا:
معك على الحلوة والمرة.. فلا تنسوا الفضل بينكمعود جميل إلى الله
عزيزي المسلم، اجتهد في العودة الجميلة إلى الله ولا تتردد، فالطريق إلى الله ممهد، ومن ثم فإن التخلص من الأوزار الآن سهل ويسير، أما إذا بلغت الروح الحلقوم، فلا قَبول لأي توبة ولا أي تضرع أو دعاء.
يقول تعالى: « حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ » (المؤمنون: 99، 100).
حتى الذنب إياك أن يمنعك عن الله، فقد يكون البداية إلى الطريق إلى الله، لا تتوقف، سر وأكمل طريقك إليه فهو لاشك ينتظرك، لأنه يحب توبة وعودة العبد أكثر من فرحة الأم بعودة وليدها الغائب.