كان المسجد هو الملاذ الآمن للمؤمن الذي يبحث عن الصلاة والطهارة وسكينة النفس، إلا أنه مع انتشار كورونا وتطبيق الإجراءات الاحترازية، أغلقت دورات المياه بالمساجد، وتم الاكتفاء بفتح المساجد للصلاة فقط، وهو ما أدى إلى انتشار التبول في الطرقات.
وعادة التبول في الطرقات هي سلوك حيواني لا يجب أن يقلده الإنسان بأي حال من الأحوال، إلا أن البعض من المعذورين بالمرض يسارعون للتبول في الشارع نتيجة عدم قدرتهم على إمساك البول بسبب دخول فصل الشتاء وبرودة الطقس، حيث يحتاج الإنسان إلى دخول الحمام بشكل أكبر، أو نتيجة الإصابة بمرض السكري.
بينما البعض الآخر يستسهل التبول في الطريق دون وازع ديني أو أخلاقي وبدون سبب، فقد يصيبك حالة من الفزع حينما تجد إنسانًا أشبه بالعماليق يقف في أحد الشوارع العمومية متبولاً بشكل لا يستحي منه أن يظهر ما يجب عليه أن يخفيه، فضلاً عن عدم حيائه أن تمر بجانبه النساء، فضلاً عن أن التبول في الطرقات ضد النظافة التي أمر بها الشرع الشريف، وضرورة الاستنجاء من البول.
حديث الاستبراء من البول
وقد قرأت حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بما معناه: “أن تنزهوا من البول، فإن أكثر عذاب القبر منه” صدق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم.
فعن سُراقة بن مالك قال: “علَّمنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الخلاء أن نقعد على اليُسرى وننصب اليُمْنَى” رواه البيهقي بسندٍ ضعيفٍ.
فكل هذه الأحاديث يوضح أنه من الضروري الغسل أولاً من البول والاهتمام بالشوائب والنظافة الشخصية ، الاستنجاء بمعنى طهّر نفسه ، وهذه عملية تطهير بالماء أو غيره ، وهذا هو إزالة النجاسة ، وهذا هو الطاهر ، أي إزالة الشوائب والنجاسة ، وإن ديننا يحثنا على النظافة الدائمة حيث أن النظافة من الإيمان ، ومن أهم شروط حتى تصح الصلاة أن تكون طاهراً حتى تصح صلاتك ، وكذلك يجب على المرأة والرجل الاهتمام بهذا الأمر ، من حيث التبول في مكان لا يطير منه رذاذ على الإنسان وإن أصابه منها شيء في فخذه أو في قدمه ، فسكب عليه الماء ، فاغتسل بما أصابه ، ليتبول.
اظهار أخبار متعلقة
عملية الاستنجاء
يشترط الاستنجاء إذا كان هناك بول أو غائط أو نزل في الصلاة ، ثم يغسل المسلم ذكره إذا بول ، فإن يغتسل من البول وينظف من التغوط ، ويكفيه هذا بأي حال الوقت وأيضاً يشترط للتطهير ، إذا غسل قضيبه من البول ، أو شرجه من البراز ، أو غسل شرجه بالحجر أو الحليب ثلاث مرات أو أكثر حتى يكتفي ، فلا يلزمه إعادة ذلك.
فإذا جاء وقت الظهر وهو يغتسل بالماء يغسل ذكره ويغسل شرجه أو يغتسل بالحجارة في الصباح ويطهر المحل ثلاث مرات أو أكثر حتى لا يعيده ، مثلا إذا غسل الضحى لم يعيده ، فلو تغوط بعد الظهر أو مسح ، وغسل قضيبه من البول ، وطهر من البراز ، وغسل شرجه حتى خرج المكان ، ثم جاء وقت الغروب ولم يكن بعد ذلك بول ولا غائط ، ثم يتوضأ شرعاً ، ويمسح ، بمعنى أن يبدأ بالشطف والشم ولا يعيد ، وهكذا إذا نام ، أو إذا كان يأكل لحم الإبل ، لا يتطهر ، لكنه يمسحها ، حيث يبدأ بمضمضة الفم والشم نظرا لأن للنوم وأكل لحم الإبل ولمس القضيب يكون لهم تطهير خاص.
والتطهير من البول والبراز ، أما هذه الأشياء التي تنقض الوضوء كالريح ، والشقاء ، والضرطة ، مثل لمس الفرج ، مثل أكل لحم الإبل ، فهذا لا يوجب التنظيف ، بل الوضوء والوضوء شرعا وهو يبدأ بشطف الفم والاستنشاق ، ولا يغسل الشرج ، ولا يذكره إلا بالبول أو البراز حيث تشير إلى معنى عدم التنزه من البول.
وعن عبدالله بن مسعودٍ قال: أتى النبيُّ صلى الله عليه وسلم الغائطَ، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجارٍ، فوجدتُ حجرين، ولم أجد ثالثًا، فأتيته بروثةٍ، فأخذهما –يعني: الحجرين- وألقى الرَّوثة وقال: إنها رجس –أو: ركس أخرجه البخاري.
وهذا الحديث من دلالات الاستجمار بثلاثة أحجار ، وأنه لا يكتفي بالحجر وحده ، ولا يجزئ بأقل من ثلاثة أحجار.
والتراخي في التطهير عند التبول خطأ كبير لأنه من أسباب عذاب القبر وعن حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: «إنهما ليعذبان, وما يعذبان في كبير أي في أمر يشق عليهما أما أحدهما فكان لا يستتر من البول, -أي لا يستنزه ولا يستبرئ منه وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة»، وروى أيضا عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: «استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه ».
حكم من يبول ولا يغتسل
قد لا يحتاج البول إلى الاغتسال ، لكن إذا كنت تنوي تنقية نفسك أي التطهير بعد التبول فقد ورد حديث شريف في ذلك يقول ” عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ : ” إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ، أَمَّاأَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَبْرِئُ مِنْ بَوْلِهِ ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ” وهذا دليل قوي على ضرورة و أهمية الاغتسال ، والتطهير من البول.
وعلى الجانب الجيد ، فإن ترك البول وعدم التطهير منه يحمل مخاطر كثيرة من حيث الرطوبة في المنطقة التي تكثر فيها الجراثيم ، مما قد يساعد هذه الجراثيم على التكاثر مما يؤدي إلى تسبب التهابات قد تصعد إلى الكلى وتؤثر على وظيفتها ، وكان قد تم الذكر في كتابة الله الحكيم ” إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ” ( 222) البقرة.