عزيزي المسلم: الإيمان خُلُق؛ لأنه اعتراف بحق لله في أنه مُمَيَّز في كل الصفات، وأنه ليس أحد مثله، ومن ثم فإن الإيمان هو خُلُقُ الاعتراف بالحق لصاحب الحق.
والنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم يحثنا على أن نشكر من قدم لنا معروفًا وأن نجزل له الثناء.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَشْكُر اللهَ مَنْ لاَ يَشْكُر النَّاسَ»، فما بالنا بشكر الله؟!.. وكم منا يعيش في رغد من العيش وينسى شكر الله عليه، وبمجرد أن تصيبه مصيبة ما أو بلاء ما يعترض بأعلى صوت، فأين كان صوتك إذن وأنت في حياة كريمة؟.. ولذلك يخاطب الله عباده بذكر نعمه عليهم فيقول: « يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ » (فاطر: 3).
شكر الله
على المسلم أن يكون شاكرًا لله، وألا يكون جاحدًا، يعترض على المصائب وينسى الفضليات الكثيرة التي حباه بها الخالق. يقول تعالى: « إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ » (الزمر: 7)،
وأمر الله عباده بشكره، فقال: « فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ » (البقرة: 152)، هذا الأمر لا ليتكثر بشكر العباد من قلة، ولا ليتمنع بهم من هلاك وشدة، سبحانه فهو الغني عن عباده وهم الفقراء إليه، « وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ » (النمل: 40)، وإنما لإرجاع الحق إلى صاحبه والأحق به، ومن أحق بالشكر من الله؟.. مؤكد لا أحد على الإطلاق، لكن للأسف كثير من الناس يغفل عن ذلك.
اقرأ أيضا:
معك على الحلوة والمرة.. فلا تنسوا الفضل بينكموصية إلهية
عزيزي المسلم، ليعلم الجميع أن الشكر وصية الله للإنسان أول ما عقل، يقول تعالى: « وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ » (لقمان: 14)، كما هو أيضًا وصية النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم لمن أحب. فقد قال لسيدنا معاذ رضي الله عنه «إني أحبك؛ فلا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك».
ولا ننسى أيضًا أن الشكر إنما هو نصف الإيمان، ففي الحديث، يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «الإيمان نصفان، نصف شكر ونصف صبر فمن زاد شكره زاد إيمانه، ومن نقص شكره نقص إيمانه».. وبالتالي فإن الشكر لاشك طريق العبودية الأهم لله جل وعلا، يقول سبحانه: « وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ » (البقرة: 172)، فكيف بنا نعبد الله وننسى الاعتراف لحقه علينا؟.