يسأل أحدهم: هل الايمان خُلُق.. والإجابة نعم الايمان خُلُق ؛ لأنه اعتراف بحق لله في انه مُمَيَّز في كل الصفات وانه ليس احد مثله فالإيمان هو خُلُقُ الاعتراف بالحق لصاحب الحق، فالإيمان إنما هو جهاد صادق للنفس على امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه والوقوف عند حدوده والبحث عن الحق والسؤال عنه للتمسك به والتزامه.

قال تعالى: « إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » (النور 51)،

وهو أيضًا حقائق تنتج أعمالاً صالحة وسلوكاً مستقيماً، كما أنه لاشك درجة رفيعة في بنيان الإسلام الشامخ يصل إليها المسلم بصفاء قلبه واستقامة جوارحه على أوامر الشرع الحنيف.

وفي ذلك يقول المولى عز وجل: « إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ » (الحجرات: 15).

هنا الدواء

ففي الإيمان الدواء الناجع لكل داء مهما كان، ومن ثم مما لاشك فيه أن الأزمات المتتابعة على الأمة الإسلامية إنما جاءت بسبب أزمة ضعف الإيمان ونقصانه، فلو عولجت أزمة ضعف الإيمان لعولجت جميع أزماتنا.

الله تعالى وعد المؤمنين بالنصر والتمكين فقال: « وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ » (النور: 55).

بل وأقسم تعالى على حصول الحياة الطيبة لمن آمن وعمل صالحاً فقال: « مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ » (النحل: 97).

اقرأ أيضا:

6ثمرات يجنيها العبد المؤمن إذ صبر علي هموم الدنيا .. فرّج الله همّه، ودفع عنه الضر ورفع درجته في مقدمتها

التحقيق العملي

إذن عزيزي المسلم، من أراد الوصول إلى كل ذلك، عليه أن يحقق الإيمان بداخله أولاً، فإذا تغلغل الإيمان في القلوب ثبت المسلم على دينه وأحبه وأحب كل ما جاء به، ورآه أعظم نعمة عليه وصار محالاً لديه أن يبيعه بالدنيا وما فيها.

ويروى أن هرقل الروم قال لأبي سفيان أثناء سؤاله له عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، وذلك عندما كان في رحلة إلى الشام قبل أن يسلم: «وسألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه، فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب»، ومن ثم فإنه من آمن بالله أمن كل شيء في حياته، لأن الإيمان لا يأتي إلا بأمان، وفي ذلك يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «الإيمان قيد الفتك لا يفتك مؤمن».