فيما وصف الباحثون النتائج بأنها مخيبة للآمال، توصلت دراسة حديثة إلى أن هرمون الحب "الأوكسيتوسين" لا يخفف من أعراض التوحد لدى الأطفال.

وكان الأمل منعقدًا على النتائج الإيجابية لبعض الدراسات الصغيرة التي اختبرت الإصدارات الاصطناعية من الأوكسيتوسين - وهو هرمون طبيعي في الجسم يدعم الترابط، سواء بين الأم والطفل، أو الأزواج.

غير أن الدراسة التي نشرت النتائج في مجلة "نيو إنجلاند" الطبية كشفت أنه على مدى ستة أشهر لم يظهر الأطفال الذين تناولوا "الأوكسيتوسين" أي مكاسب في قدراتهم الاجتماعية أكثر من نظرائهم الذين أعطوا رذاذًا وهميًا للأنف.

تفاصيل التجربة 

شملت التجربة 290 طفلاً ومراهقًا مصابين بالتوحد، تتراوح أعمارهم بين 3 و17 عامًا، تم اختيارهم عشوائيًا وحصلوا على بخاخ أنفي من الأوكسيتوسينن أو بخاخ وهمي، لمدة مرتين في اليوم، على مدار ستة أشهر.

سُمح لجميع المشاركين في الدراسة بالاستمرار في أي علاج سلوكي أو أدوية كانوا يتناولونها قبل التجربة.

أثناء الدراسة، أكمل الآباء الاستبيانات القياسية حول سلوك أطفالهم، بما فيها التفاعلات الاجتماعية. ووجد الباحثون أن الأطفال في مجموعتي الدراسة أظهروا تحسنًا في القدرات الاجتماعية بمرور الوقت، لكن لم يكن هناك فرق بينهم.

وقال الباحث الرئيسي، الدكتور لينماري سيكيتش: "النتيجة المستفادة من هذه الدراسة هي، أيًا كانت الفائدة التي قد يراها الآباء باستخدام بخاخات الأنف هذه، فمن المحتمل ألا تكون مرتبطة بالأوكسيتوسين. ربما يتعلق الأمر بأشياء أخرى تحدث في بيئة الطفل".

أضاف سيكيتش، الأستاذ الاستشاري المشارك في كلية الطب بجامعة ديوك الأمريكية، إن النبأ السار هو أنه لم تظهر أي مخاوف تتعلق بالسلامة أثناء التجربة.

مع ذلك، أكد أن "الآباء الذين استخدموا الأوكسيتوسين لا داعي للقلق لديهم من أنه يسبب ضررًا"، متابعًا: "لسوء الحظ لم يكن هناك دليل على أنه كان مفيدًا".

والتوحد هو اضطراب في نمو الدماغ، ويوصف بأنه معقد ويختلف بشكل كبير من شخص لآخر. لكن القاسم المشترك هو أن الأشخاص المصابين بالتوحد يعانون، بدرجات متفاوتة، من صعوبة في التواصل والتفاعل الاجتماعي.

العلاج السلوكي

قال الدكتور دانيال جيشويند، أستاذ علم الوراثة وعلم الأعصاب والطب النفسي بجامعة كاليفورنيا، إن "العلاج السلوكي، الذي بدأ بشكل خاص في وقت مبكر من الحياة، يمكن أن يساعد الأطفال على تطوير المهارات الاجتماعية".

أضاف وفقًا لوكالة "يو بي آي": "غالبية الأطفال يستجيبون، لكن ليس الجميع يستجيب. وفقط في بعض الناس يكون هذا رد فعل دراماتيكي".

تكمن الفكرة الأساسية وراء إعطاء "الأوكسيتوسين" في أنه قد يسهل استجابة أفضل للتدخلات السلوكية، وفقًا لـ جيشويند، الذي كتب افتتاحية نشرت مع الدراسة، لم يكن مقتنعًا فيها بأن التجربة تشير إلى نهاية "الأوكسيتوسين" كخيار للتوحد.

غير أنه على سبيل المثال، قال إن الدراسة لم تقرن العلاج بالعلاج السلوكي. وقال جيشويند: "الأوكسيتوسين له نصف عمر قصير في الجسم. وتأثيراته تعتمد على الموقف الذي أنت فيه".

وشبه إعطاء الأوكسيتوسين دون العلاج السلوكي في الوقت المناسب للرياضي الذي يتناول المنشطات ولكن لا يمارس التمارين البدنية.

أشارت إحدى الدراسات السابقة إلى عامل قد يكون حاسمًا: المستوى الأولي للأوكسيتوسين في دم الأطفال. وهذا يعني أن الأوكسيتوسين الاصطناعي قد يساعد فقط عندما تكون المستويات الطبيعية منخفضة.

لا فائدة لـ الأوكسيتوسين

لكن سيكيش قال إنه لم يجد دليلاً على أن رذاذ الأنف كان يعمل بشكل أفضل مع مرضى الدراسة الذين يعانون من انخفاض مستويات الأوكسيتوسين.

من المحتمل أيضًا أن يكون هذا التكتيك أكثر فاعلية في وقت مبكر من نمو الأطفال، لكن مرة أخرى، كما قال سيكيش، لم تكن النتائج مختلفة في الأطفال الأصغر سنًا في التجربة.

وأضاف، مع ذلك، أنه لا يمكن استنتاج أي شيء بشأن استخدام الأوكسيتوسين قبل سن 3 سنوات.

أشار جيشويند إلى مدى تعقد التوحد، بما فيها مجموعة الجينات المرتبطة به، لافتًا إلى أن بعض الطفرات الجينية قد تم ربطها بمستويات منخفضة من الأوكسيتوسين.

وشدد جيشويند على أنه لن يكون هناك علاج واحد فعال لمثل هذا الاضطراب الدماغي المعقد. وأوضح أن "هذا مثل توقع استجابة جميع أنواع السرطان لنفس العلاج".

لكن من الممكن أن يساعد الأوكسيتوسين، إلى جانب العلاج السلوكي، بعض الأطفال المصابين بالتوحد، وفقًا لـ جيشويند. وقال إنه يأمل في أن تختبر التجارب المستقبلية هذا النهج في مجموعات محددة بدقة أكبر.

لم تتم الموافقة على بخاخ الأوكسيتوسين الأنفي لعلاج مرض التوحد. لكن هذا لم يمنع استخدامه. قال سيكيش إن بعض الآباء قد يحصلون عليه عبر الإنترنت، بينما في حالات أخرى قد يصفه الطبيب ويتم الحصول عليه من خلال صيدلية مركبة توفر الأوكسيتوسين في شكل رذاذ أنفي.