يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحْصُوهَآ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ»، فكيف يستقيم ذلك مع ما ورد في الصحيحين، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة»؟.

الإحصاء هنا عرفه العلماء بأنه ليس وضع أسماء الله الحسنى في أرقام وحفظها، وإنما المعنى الحقيقي هو الإحاطة بها لفظًا، ثم فهمها كعمنى، ثم التعبد لله والتقرب إليه بها.

والتعبد يكون بالدعاء بأسمائه الحسنى، لقوله تعالى: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون»، فتختار الاسم الذي يناسب مطلبك، كأن تكون مثلاً طالبًا للرحمة فتستخدم اسم الرحيم والرحمن في الدعاء، وهكذا.

الدعاء بأسماء الله الحسنى 

على سبيل المثال: تقول يا غفور اغفر لي، لكن ليس من المناسب أبدًا أن تقول: يا شديد العقاب اغفر لي.

أيضًا عليك أن تتعرض لعبادتك لما تقتضيه هذه الأسماء، مثلاً: مقتضى الرحيم، هي الرحمة، أن تكون رحيمًا في تعاملاتك مع الناس، وأن تعمل الصالح الذي يجلب الرحمة لك وللناس، وأن توقن تمامًا أن دعاء الله بأسمائه الحسنى هو أعظم أسباب إجابة الدعوة وكشف البلوة ، فإنه يرحم؛ لأنه الرحمن، الرحيم، ويغفر؛ لأنه الغفور، حينها لاشك ستكون قد طبقت المعنى الحقيقي لإحصاء أسماء الله الحسنى، بينما مجرد حفظها ليس دليلاً على ذلك.


أسماء الله هي معرفته، ومعرفة الله لاشك هي الهدف الأساسي من الوجود في الحياة، فعن أبي كعب رضي الله عنه، أن المشركين قالوا للنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، يا محمد.. انسب لنا ربك، فأنزل الله عز وجل قلوه تعالى: « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ » (الإخلاص: 1 - 4).

اقرأ أيضا:

معك على الحلوة والمرة.. فلا تنسوا الفضل بينكم

معرفة أسماء الله الحسنى

لكن كيف لنا أن نعرف أسماء الله الحسنى، وحقيقة التعامل معها.. بعض العلماء يقول هنا إن أول فرض فرضه الله على خلقه معرفته ، فإذا عرفه الناس عبدوه ، وقال تعالى : « فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ » ( محمد : 19 ).

ومن ثم ينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها ، فيعظموا اللَّه حقَّ عظمته، فالله الذي خلقنا ورزقنا ونحن نرجو رحمته ونخاف من سخطته أولى أن نعرف أسماءه ، ونعرف تفسيرها، فمثلًا، فمن عرف أنه حيي كريم قوي فيه رجاؤه وازداد فيه طمعه.

فقد قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: « إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرًا ».