كثير من يعلم يقينًا، أن الله عز وجل يغضب على عبده المذنب، خصوصًا إذا وضع في طريقه العديد من العلامات لإيفاقه، ومع ذلك يستمر في غيه وجهله، لكن القليل من الناس لا يعرفون كيف يكون أشد عقاب من الله على مثل هذا العبد المذنب؟.. فالله إذا غضب على عبد من عباده تركه لنفسه فهي كفيلة لأن تهلكه.
لذلك كان نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام يرددون هذا الدعاء دائمًا: «اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين وأخرجنا من حولنا إلى حولك وقوتك يارب العالمين»، إذ أنه من أكثر الجمل المرعبة : "إن الله تعالى إذا غضب على عبد من عباده تركه لنفسه فهى كفيلة أن تهلكه".
كيف تواجه نفسك؟
لكن السؤال المهم جدًا، كيف تواجه نفسك، وكيف تقيدها وتمنعها عن الوقوع في الذنب والخطأ؟.. فإذا كانت غايتك وهدفك هو الوصول إلى جنة الخلد ونعيمِها، فعليك أن تراجع نفسك وأن تلجمها جيدًا، فبما أنك المسؤول عن تقويم وتهذيب نفسك، فقد خلق الله لك عقلًا، وميزك بالفكر والإمكانيات الذهنية المتعددة، إنها إرادتك ومسؤوليتك أن تحاسب نفسك.
قال تعالى: « وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا » (الشمس: 7 - 10)، لذا عليك أن تسأل نفسك بمنتهى الصراحة: هل تتبع هواك، أم أنك تخلص النية لله تعالى، وتبحث دائمًا عما أمرك الله، وتتبع تعليماته ومنهجه؟
هناك آيات عدة تشير إلى خطورة اتباع هوى النفس؛ وذلك لأنها طريق الضلال والندم والحسرة وظلم النفس، ومن ذلك قوله تعالى: « وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا » (الكهف: 28)، فتوقف قليلا وحاسب نفسك قبل فوات الأوان.
اقرأ أيضا:
الفتور بعد مواسم الطاعات ..داء يصيب كثيرين وهذا علاجهعيوب النفس
أنت وحدك القادر على معرفة عيوب نفسك، والوقوف عليها، ثم معالجتها، لكن شرط أن يكون الأمر كله لله عز وجل، لذا عليك دائمًا أن تسأَلِ الله وأن تتقرب إليه ولا تيئس من رحمته، واصبر، وتذكر سيدنا يونسَ عليه السلام، ونجاته من بطن الحوت، « وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ » (الأنبياء: 87، 88).
فقط استمر في الدعاء والالتجاء إلى الله وحده، فالله سبحانه وتعالى قادر على أن يثبت قلبك على الإيمان والتقوى، قال الله تعالى: « وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ » (البقرة: 186).