حدد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، أن بعض الناس يفسرون بعض كلمات القرآن الكريم بمعان غير المقصود منها في منشور له جري بثه علي صفحته علي شبكة التواصل الاجتماعي .
أول كلمات القرآن التي يقهمها الناس بصورة خاطئة "سورة البقرة" العفو" في قوله تعالى: "..وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ" (البقرة: 219). ويفهمها البعض بمعنى المغفرة، في حين أن معناها الزيادة التي تفيض عن حاجة الشخص ومعاشه، والتصدق بها يكون قربة لله سبحانه وتعالى>
الكلمة الثانية التي يفهمها الناس بصورة خاطئة كلمة يشري" في قوله تعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ" (البقرة: 207). ومعناها ليس "يشتري" وإنَّما معناها أن يبيع نفسه ويبذلها في سبيل رضا الله سبحانه وتعالى.
- "وكذلك كلمة "قاموا" في الآية الشريفة التي ضرب فيها الله المثل للمنافقين، أنهم مثل أناس يسيرون في ضوء البرق، قال تعالى: "يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ ۖ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (البقرة: 20). ومعناها أقاموا واستقروا في مكانهم وليس وقفوا من القيام.والمعنى ذاته في قوله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ۚ.." (الروم: 25)، وهي تعني "تثبت".
"رابع هذه الكلمات هي كلمة الفصال" عندما تحدث القرآن عن قرار الزوجين المشترك في بعض شؤون الأسرة، قال تعالى: "..فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ۗ.." (البقرة: 233). لم يكن "الفصال" بمعنى الطلاق، ولكن كان بمعنى فطام الطفل الرضيع.ومن سورة البقرة ننتقل إلي سورة التوبةفي مقدمتها كلمة يفرقون".. عندما تحدث الله عن بعض صفات المنافقين بقوله تعالى: "..وَلَٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ" (التوبة: 56). كان "الفرق" بمعنى الفزع الشديد والخوف من أمر يتوقع حصوله، وليس من الفرقة والانفصام والاختلاف.
- "من الكلمات التي تم تفسيرها بشكل خاطئ كلمة "خُلِّفوا".. عندما ذكر الله قصة الصحابة الثلاثة، الذين تخلفوا عن غزوة تبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقال عنهم: "وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا.." (التوبة: 118).المقصود: خلفوا عن قبول اعتذارهم وتوبتهم وليس تخلفوا عن الغزوة.
الكلمات التي فهمت بشكل خاطئ امتدت كذلك إلي سورة الأنبياء وتحديدا كلمة ""ينسلون".. عندما قال تعالى: "حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ" (الأنبياء: 96). لم تكن "ينسلون" من النسل بمعنى يتكاثرون وإنما كانت بمعنى يسرعون
فهم الكلمات القرآنية بسورة خاطئة امتد لسورة الفجر حيث تعلقت هذه المرأة بكلمة "جابوا" في قوله تعالى: "وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ" (الفجر: 9). معناها قطعوا الصخر ونحتوه وليس معناها أحضروه,;`
- "وكذلك تكرر الفهم الخاطئ في كلمة أذنت" في قوله تعالى: "وأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ" (الانشقاق: 2). معناها سمعت وانقادت وخضعت، وليس من الإذن بمعنى السماح والإباحة.
- "الأم" في قول الله تعالى في القرآن الكريم: "وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ" (القارعة: 8 و9). معناها مقدمة رأس الإنسان والمقصود بها ذاته وشخصه، وليس معناها أمه التي أنجبته
وكان مركزُ الأزهر العالميُّ للفتوى الإلكترونية قد حذر في منشور سابق على مواقعِ التَّواصل الاجتماعي تُفسِّر آياتِ القرآن الكريم بشكلٍ خاطئٍ؛ لا سِيَّما آيات سُورة المُدَّث
وأوضح، أن هذه التَّفسيرات ربطت آيات السُّورة الكريمة بِما يَشهده العَالَم الآن مِن جَائِحةِ فيروس كُورُونا المُستَجَد (كوفيد - 19).
وأكد د المركز، أنَّ تحميلَ آيات القُرآن الكريم ما لا تَحتَمِله مِن دلالاتٍ فاسدةٍ، وتفسيراتٍ مَغلُوطة لا مُستندَ لها من علمٍ أو لغةٍ أمرٌ مُحَرَّمٌ شَرْعًا؛ لِمَا فيه من التَّقَوُّل والافتِرَاء على الله سُبحانه.
ومضي قائلا : وقد حَذَّرَ الحقُّ سُبحانه مِن القَولِ عليه بغير علمٍ، وسَمَّاه كَذِبًا، وجَعلَه مِن أعظم الفَواحِش؛ فقال: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33]، وقال سُبحانَه أيضًا: {قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ} [يونس:69].
وأشار إلى أن تفسيرُ القرآنِ الكريمِ علمٌ ينبغي ألَّا يَنْزِلَ ميدانَه، أو يخُوضَ غِمَارَه، إلَّا عالمٌ مُتضلِّع من عُلوم الشَّريعة وآدابها، مُتمكِّن من آلاتِها وأدواتِها، ومُضطلِعٌ بسَنَنِ أهل العِلم في تفسير القرآن العظيم؛ لِمَا له من مَكانَة عَلِيِّة، وحُرْمَةٍ جَلِيَّة؛ فأهلُه هم المُعيِّنينَ لمُرادِ الله مِن كَلَامِه، المُبيِّنينَ لحَلالِه وحرامِه.
وبحسب المركز فقد ؛ اشتدَّ نكيرُ النَّبيِّ ﷺ، والصَّحابةِ والعُلماءِ مِن بعده عَلى مَن يُفسِّرون القرآنَ بآرائهم المُجرَّدةِ؛ دُون استنادٍ إلى دليلٍ شرعيٍّ مُعتبَرٍ، أو احتكامٍ إلى وَجْهٍ لُغَويٍّ مُعتَمَدٍ، فقال ﷺ: «مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ أَوْ بِمَا لَا يَعْلَمُ؛ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» [أخرجه التِّرمذيُّ وحسَّنه]، وقال الحَافِظُ ابنُ كَثيرٍ رحمه الله: «فأمَّا تفسيرُ القُرآنِ بمُجرَّدِ الرَّأي فحَرامٌ» [تفسير ابن كثير ( 1/11)].
اقرأ أيضا:
معك على الحلوة والمرة.. فلا تنسوا الفضل بينكمبل وأطلق المركز تحذيرا مِن تَدَاول هذه المنشوراتِ وأمثالَها؛ لِمَا في نشْرها مِن ترويجٍ للكَذِب والإفْك، ومُعاونةٍ على الشَّرِّ والإثم؛ والله سُبحانه وتعالى يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [سورة المائدة: 2].