إياك أن تنطفئ مهما اسودت الدنيا في عينيك، فها هي الملائكة الموكلة من الله عز وجل تقول للنبي الأكرم إبراهيم عليه السلام: «قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ» (الحجر 55)، حين تفاجئ ببشرى الولد مع كبر سِنه.. وكأن الله يقول لعبده: «إياك أن تنطفئ .. مهما اسودت الدنيا في عينيك.. ومهما أغلقت الأبواب في وجهك، يجب أن يكون حسن ظنك بربك لا حدود له.. فأبوابه مفتوحة آناء الليل وأطراف النهار».

فهو سبحانه القادر الذي لا تعجزه حاجة، ولا يقعده شيء، «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ».. جميع المستحيلات عند البشر تسقط أمام قوله: «كن فيكون».. فما ضَاقت الأرض .. ‏إلّا جاءنا فَرجٌ .. ‏كالغَيث يهطل من ربّ السَماوات.

الأمل فقط في الله

اعلم يقينًا أنما الأمل فقط في الله، وكلما زاد يقينك فيه سبحانه وتعالى، كلما أدركت ما تتمنى، فلولا الأمل ما بني أحدهم أي بناء، ولا غرس أحدهم أي زرع، ولولا الأمل لما تحققت كل الإنجازات التي وصلت إليها البشرية.

مخترع الكهرباء أديسون، يقول إنه نجح في الوصول إلى الكهرباء بعد آلاف المرات من المحاولات.. بالتأكيد هو وصل لأنه لم ييأس، فكيف بنا ونحن عباد الله وأحبابه، ونؤمن به سبحانه؟.. علينا حسن الظن والتوكل على الله، واليقين في أن النتيجة ستكون لصالحنا بالتأكيد.

ولنعلم يقينًا أيضًا أن اليأس توأم الكفر، لأنه سوء ظن بالله، قال الله تعالى: « وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ » (يوسف: 87)، لذلك فإن أهل اليأس دائمًا ما يحكم الله عليهم بالبوار، قال تعالى: «بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا » (الفتح: 12).

اقرأ أيضا:

معك على الحلوة والمرة.. فلا تنسوا الفضل بينكم

نبي التفاؤل

النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم كان دائمًا يبعث على التفاؤل والأمل، ويعجبه الفأل الحسن كما في الحديث الصحيح، ويتفاءل بالاسم الحسن، وإذا بعث عاملاً سأل عن اسمه، فإذا أعجبه اسمه فرح به ورؤي ذلك في وجهه.

وكان عليه الصلاة والسلام إذا دخل قرية سأل عن اسمها، فإن أعجبه اسمها فرح ورؤي بشر ذلك في وجهه، بل أنه قال يومًا لأصحابه: «إذا أبردتم إلي بريداً يعني شخص يحمل الرسائل فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم».

وما ذلك إلا ليكون هناك سبب للتفاؤل، وكان صلى الله عليه وسلم يتفاءل بأصحابه، ويتفاءل للحال التي هو فيها، حتى أن قريشاً لما أرسلت سهيل بن عمر ليفاوضه قال لأصحابه لما عرفه: «لقد سَهُل لكم من أمركم».