كثير منا قد يمر بمحنة ما أو كرب ما، أو ضائقة ما، لكن مهما كان ما مررنا به، بالتأكيد لن يكون مثلما مر به الأنبياء من قبل، فلننظر كيف كان أخير البشر يستغيثون، لنتعلم منهم، طريقة النجاة.
عن أبي عبيدة عن عبد الله – يعني ابن مسعود رضي الله عنه - قال : « ما كرب نبي من الأنبياء إلا استغاث بالتسبيح »، إذن بأيدينا ننجو من أي كرب، ولكن فقط ينقصنا السير على ما كان عليه أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.. والأمر ليس بالعسير، ولا يحتاج لأن تكون نبيًا، وإنما فقط يحتاج لأن واعيًا، مدركًا كيف كانوا يتصرفون ويناجون الله عز وجل فيستجيب.
حتى أن أكثر قصص الأنبياء شهرة في هذا الأمر، هي قصة نبي الله يونس عليه السلام، إذ ألقي في بطن الحوت، فلما سبح الله، أخرجه من ظلمات بطن الحوت إلى النور والنجاة، قال تعالى: «وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ» (الصافات 144).
أعظم العبادات
ذكر الله تعالى من أعظم العبادات، ومن حافظ عليها، لابد أن يحفظه الله، إذ أنه وعد من يذكره بأن يذكره في ملء أفضل منه، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: «يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني: فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، وإن اقترب إليّ شبراً اقتربت إليه ذراعاً، وإن اقترب إلي ذراعاً اقتربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة».
هكذا يقدر الله عز وجل الأمور، تذكره في نفسك، فيذكرك في نفسه، وتخيل الله عز وجل بذاته العليا، يذكرك في نفسه، فكيف إذن تبتلى؟!.. إذن أنه من المستحيل أن يكون هناك عبدًا من عباد الله يعيش في رحاب الله وبين ذكره، ثم يبتليه الله.. مؤكد هذا لا يمكن أن يحدث.
قال الله تعالى: « إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا » (الأحزاب: 35).
اقرأ أيضا:
وانتهت الأيام العشر.. فهل انفض مولد (الإيمانيات)؟كرر هذا القول
إن كنت لا تعلم كيف تذكر الله، فتعلم، وستجد أن الأمر ليس بالعسير ولا بالصعب، وإنما فقط يحتاج لقلب حاضر وواعي، فاستحضر قلبك وعلمه كيف يكون طول الوقت مع الله.
عن أبي أمامة الباهلي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبرك بأفضل - أو أكثر - من ذكرك الليل مع النهار، والنهار مع الليل؟ أن تقول: سبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء، سبحان الله ملء ما في السماء والأرض، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما أحصى كتابه، وسبحان الله ملء كل شيء، وتقول: الحمد الله، مثل ذلك».