هل تعلم أنك لم تحب الله أولاً بل هو الذي بدأ بالحب، أوتدري كيف؟.. اقرأ قول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» (المائدة 54).
لو تدبرت هذه الآية الكريمة لعلمت يقينًا أن الذي يحب أولاً هو الله.. ورغم أن كثيرين كانوا يعتقدون أن العبد هو الذي يتوب أولاً حتى يتوب الله عليه، إلا أنه حين تقرأ قوله تعالى: «ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» (التوبة 118) تيقن أن الله هو الذي يأتي بالعبد إلى التوبة، ثم يقبلها منه، على الرغم من أنه بالأساس هو الذي قاده إليها، وهذه هي رحمات الله التي تغيب عن كثير منا للأسف.
الإلهام من الله
الإلهام من الله، سواء حب الله عز وجل، فإنه من يأتي من الله أولاً، أو في التوبة، فإنها تنبيه من الله أيضًا، والأمران إن دلا إنما يدلان على عظمة الله عز وجل وتجاوزه للصغائر، وحبه لعبده بشكل كبير، أكبر مما تتخيل عقولنا البشرية.
وكثير من الناس يتصور أن العبد هو الذي يُرضي الله أولاً ثم يرضى الله عنه، لكن من يقرأ قوله تعالى: «وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» (التوبة 100) سيدرك أن الرضا يأتي أولاً من الله عز وجل، لذلك كان الصحابة الكرام والسلف الصالح يدعون الله سبحانه وتعالى بالقول: «اللهم اجعلنا ممن أحببتهم وعفوت عنهم ورضيت عنهم وغفرت لهم».
اقرأ أيضا:
وانتهت الأيام العشر.. فهل انفض مولد (الإيمانيات)؟كيف تعرف أن الله يحبك؟
لكن كيف تعرف أن الله يحبك؟.. إذا وجهك إلى الخير والاستغفار الدائم، فهو يحبك، إذا ابتلاك ليختبرك، فهو أيضًا يحبك، إذا بعدت ثم عدت وجدته ينتظرك في جوف الليل، فاعلم يقينًا أنه يحبك، لكن في المقابل فإن محبة الله تعالى لعبده لا تكون إلا بالزهد في الدنيا، والحرص على ما عند الله، والإكثار من الأعمال الصالحة، والاتصاف بالصفات التي يحبها الله.
فأحباب الله لاشك أخذوا على أنفسهم السير على هديه والتزام طريقته، فاستحقوا بذلك محبة ربهم القائل سبحانه وتعالى: « قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ » (آل عمران: 31).