الحر لا يكفر النعمة ولا يتسخط المصيبة بل عند النعم يشكر وعند المصائب يصبر ومن لم يكن لقليل المعروف عنده وقع أوشك أن لا يشكر الكثير منه والنعم لا تستجلب زيادتها ولا تدفع الآفات عنها إلا بالشكر لله جل وعلا ولمن أسداها إليه.
عجائب الكرماء:
1-مر سعيد بن العاص الأموي وكان من كرماء قريش بدار رجل بالمدينة فاستسقى فسقوه، ثم مر بعد ذلك بالدار ومناد ينادي عليها فيمن يزيد؟
فقال لمولاه: سل لم تباع هذه فرجع إليه فقال على صاحبها دين قال فارجع إلى الدار فرجع فوجد صاحبها جالسا وغريمه معه فقال لم تبيع دارك قال لهذا علي أربعة آلاف دينار فنزل وتحدث معهما وبعث غلامه فأتاه بصرّة فدفع إلى الغريم أربعة آلاف ودفع الباقي إلى صاحب الدار وركب ومضى.
2- مات لأحد الأشخاص بنت فقعد في المأتم في مسجده ، فجاء عبيد الله بن أبي بكرة معزيا وإذا الأشراف قد أخذوا مواضعهم فنظر إليه رجل قد كان سبق إلى مجلسه مع الأشراف قد عرفه فقام قائما وجعل يقول له ههنا حتى أخذ بيده فأقعده في مجلسه ثم ذهب فقعد في أخريات الناس.
فأمر عبيد الله غلاما كان معه أن يتعاهده إلى قيامه فلما قام دعا الرجل فقال أتعرفني قال نعم قال من أنا قال أنت عبيد الله بن أبي بكرة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: فما حملك على تركك مجلسك لي قال إجلال لولد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أوجب الله على أمثالي خصوصا من التبجيل.
فقال له عبيد الله: هل لك على أن تصحبنا إلى ضيعة نريد أن نصير إليها قال نعم قال فصحبه الرجل إلى تلك الضيعة في نهر، وفيها ثلاثمائة فدان من النخل وعلى وجه الضيعة قصر بأحسن ما يكون.
فلما دخل الضيعة أخذ عبيد الله بيد الرجل وجعل يدور به في تلك النخيل فقال للرجل كيف ترى هذه الضيعة قال تالله ما رأيت نخيلا أحسن منها ولا أكثر ثمرة ولا أثمر ضيعة منها.
قال قد جعلناها لك بما فيها من الخدم وعدتها نبعث إليك بعقدها.
قال فاستطار الرجل فرحا وبكاء وقال أنعشتني وأنعشت عيالي فقال عبيد الله وكم لك من العيال قال ثلاثة عشر نفسا قال فإني قد جعلت اسم عيالك في اسم عيالي أنفق عليهم ما عشت.
فقال له عبيد الله: من تكون له مثل هذه الضيعة يحتاج أن يكون منزله في سرة البصرة إذا صرنا إلى منزلنا فاغد علينا نأمر لك بشراء دار تشبه هذه الضيعة ورأس مال وخدم تصلح لدارك تعيش بها إن شاء الله.
قال فغدا الرجل عليه فأمر له بشراء دار بخمسة آلاف دينار وأعطاه عشرة آلاف دينار ودفع إليه صك الضعية وأمر له بدابة وبغل وسائس وكسوة وصرفه.
اقرأ أيضا:
مواعظ مبكية بين عمر بن عبد العزيز والخليفة سليمان