للعرب حكايات عجيبة وغريبة عن الحب والوفاء للزوج، فبالرغم من أن مسألة وقضية تعدد الزوجات كانت منتشرة وواسعة، إلا هناك حالات كان لها مع الوفاء قصة أخرى، ومن ذلك:
أن مالكا بن عمرو الغساني تزوج بابنة عم الصحابي النعمان بن بشير فشغف كل واحد منهما بصاحبه.
وكان مالك شجاعا، فاشترطت عليه أن لا يقاتل إذا لقي، شفقة عليه وضنا به، ولكنه غزا حيّا من من أحياء العرب، فباشر القتال، فأصابته جراح فقال، وهو مصاب منها:
ألا ليت شعري عن غزال تركته، ... إذا ما أتاه مصرعي كيف يصنع؟.
وقد مكث يوما وليلة ثم مات من جراحه، فلما وصل خبره إلى زوجته بكته سنة، ثم توقف لسانها فامتنعت من الكلام، وكثر خطابها.
فقال عمومتها وولاة أمرها: نزوجها لعل لسانها ينطلق، ويذهب حزنها، فإنما هي من النساء، فزوجوها بعض أبناء الملوك فساق إليها ألف بعير، فلما كان في الليلة التي أهديت إليه فيها قامت على باب القبة ثم قالت:
يقول رجال زوجوها لعلها .. تقر وترضى بعده بخليل
فأخفيت في النفس التي ليس بعدها .. رجاء لهم والصدق أفضل قِيل
وقال شيخ من أشياخ العرب: فلما فرغت من الشعر شهقت شهقة فماتت.
اقرأ أيضا:
هل القلوب تصدأ .. وما الفرق بين "الران" و" الطبع" على القلب؟الظريفة العاشقة:
كان في المدينة جارية ظريفة حاذقة بالغناء، فهويت فتى من قريش، فكانت لا تفارقه ولا يفارقها، فملّها الفتى وتزايدت هي في محبته وأسفت، فغارت، فولهت وجعل مولاها لا يعبأ بذلك ولا يرق لشكواها.
وتفاقم الأمر بها حتى هامت على وجهها، ومزقت ثيابها، وضربت من لقيها، فلما رأى مولاها ذلك عالجها فلم ينجع فيها العلاج، وكانت تدور بالليل في السكك مع الأدب والظرف.
قال: فلقيها مولاها ذات يوم في الطريق، ومعه أصحاب له، فجعلت تبكي وتقول:
الحب أول ما يكون لجاجة، .. يأتي به وتسوقه الأقدار
حتى إذا اقتحم الفتى لجج الهوى.. جاءت أمور، لا تطاق، كبار
قال: فما بقي أحد إلا رحمها، فقال لها مولاها: يا فلانة امضي معنا إلى البيت، فأبت.
قال: وذكر بعض من رآها ليلة، وقد لقيتها مجنونة أخرى، فقالت لها: فلانة كيف أنت؟
فقالت: كما لا أحب، فكيف أنت من ولهك وحبك؟ قالت: على ما لم يزل يتزايد بي على مر الأيام.