بعد هجرة الرسول -عليه الصلاة والسلام- من مكة إلى المدينة، بدأ الرسول -عليه السلام- بتأسيس الدولة الإسلامية وتثبيت الدعوة، وتأسيس نقطة للانظلاق بنشر الدعوة الإسلامية إلى خارج الجزيرة العربية، وكان لا بدّ من خوض عددٍ من الغزوات والحروب ضدّ المشركين من كفار قريش وغيرهم، خصوصًا أن كفار قريش استولوا على أموال المهاجرين في مكّة، ولذلك كان الهدف من العديد من الغزوات اقتصاديًّا، إذ يقول تعالى في محكم التنزيل: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}.
ومن ضمن الغزوات التي خاضها الرسول -عليه السلام-، غزوة السويق، وكانت في شهر ذي الحجة من العام الثاني من الهجرة النبوية، ومن المواقف الطريفة في غزوة السويق أن المشركين بما فيهم أبو سفيان كان معهم الكثير من السويق والمتاع ومواد التموين، فتركوا الكثير من المتاع والسويق والتموين كي يسهل عليهم الفرار من المسلمين، ومما ألقوه جريب السَّوِيق، والسَّوِيق هو القمح والشعير المقلي ثم يُطحن ويأكل مع الماء أو السمن أو العسل والسمن أي أنهم ألقوا زادهم استعجالًا للهرب؛ لذا اُطلق على هذه الغزوة اسم غزوة السويق، وعندما جاء الرسول -عليه السلام- والصحابة الكرام ومن معه من المسلمين، وجدوا السويق وأخذوه، والجدير بالذكر أن الرسول -عليه السلام- استخلف على المدينة المنورة في هذه الغزوة أبا لبابة.
يقول تعالى في محكم التنزيل: { الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}، وهذا من أهم الأسباب التي جعلت المسلمين يغزون المشركين الذين استولوا على أموال المهاجرين عندما تركوا مكة.
أما سبب غزوة السويق فيعود إلى أنه بعد أن نجا أبو سفيان بقافلة قريش ووصل بها إلى مكة آمنة، حدثت بعدها غزوة بدر الكبرى التي انتصر بها المسلمون على كفار قريش، وألحقوا بهم الكثير من الخسائر، فما كان من أبي سفيان إلا أن قرر الانتقام من المسلمين، ونذر ألّا يمس رأسه الماء من جنابة إلا بعد أن يغزو المسلمين أي ألّا يلامس النساء وقيل ألّا يتطيب.
فخرج أبو سفيان ومعه مئتا راكبٍ من كفار قريش لأجل أن يبرّ بيمينه وينفذ النذر الذي أنذره، فوصل إلى المدينة ليلًا، ونزل ضيفًا عند يهود بني النضير الذين كانوا يسكنون المدينة المنورة، وتوجه إلى زعيمهم حيي بن أخطب لكنه رفض استقباله وخاف من أن يفتح له لأنه يعلم أنه لم يأتِ إلا بشر، فنزل ضيفًا على سلّام بن مشكم سيدهم وصاحب كنزهم، وتشاور الرجلان في أمر المسلمين فعلم منه خبرهم، وأخبره بما يجري في المدينة المنورة من أحداث وأخبره بحال المهاجرين والأنصار، خصوصًا أنه يهودي واليهود لا أمان لهم، فخرج أبو سفيان في ليلته، وبعث رجالًا من قريش فوصلوا أ شرق المدينة وأتوا إلى العريض فحرقوا بعضًا من نخلها كما قتلوا رجلًا من الأنصار كان يعمل في الفلاحة، ورجلًا آخر حليفًا له واسم الأنصاري الذي قُتل: معبد بن عمرو، ثم عادوا، وبهذا رأى أبو سفيان أنه أوفى بنذره وغزا المسلمين، ثم رجع هو ورجاله إلى مكة، فكان هذا سببًا في حدوث غزوة السويق.
بعد أن وصل المسلمون إلى المكان الذي كان فيه أبو سفيان ومن معه، لم يجدوهم، ولم يستطع المسلمون إدراك جيش قريش لأنهم كانوا قد ابتعدوا عن المكان، فعاد المسلمون إلى المدينة المنورة دون أن يحدث بينهم وبين المشركين أيّ قتال، وكان ذلك في العاشر من ذي الحجة.
ومن نتائج هذه الغزوة ، فرار أبو يفيان ورجاله من المشركين خوفًا من المسلمين، ولم يستطع المسلمون إدراكهم لأنهم كانوا قد ابتعدوا،و ترك المشركين للسويق والمتاع والتموين وراءهم لأجل تسهيل فرارهم من المسلمين، وأخذ المسلمين للسويق والمونة التي خلفها أبو سفيان ورجاله.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهااقرأ أيضا:
الحسن بن علي هكذا تصرف سبط النبي عندما قطع معاوية عطاءه .. أعظم صور اليقين بالله .. تعرف علي القصة