قد تقدم أن الله تعالى لما علم أن أمر الناس لا يصلح على العدل المجرد من الإحسان أمر أن يتبع العدل بالإحسان.
وكتب بعض الحكماء إلى بعض الملوك: املك الرعية بالإحسان تظفر بالمحبة فإن طلب ذلك بالإحسان هو أدوم بقاء منه بالظلم.. واعلم أنه إنما تملك الأبدان بتخطيها إلى القلوب بالمعروف واعلم أنه إذا عدل السلطان ملك قلوب الرعية وإذا جار لم يملك منهم غير الرياء والتصنع.

قلوب الرعية خزائن للملوك

1-جاء في أخبار المتقدمين قلوب الرعية خزائن ملوكها فما أودعوها من شيء فليعلم أنه فيها واعلم أن الرعية إذا قدرت على أن تقول قدرت على أن تفعل فاجهد ألا تقول تسلم من أن تفعل.
2- وركب كسرى أزدشير يوما في عدة قليلة فكتب إليه بعض النصحاء ركبت أيها الملك أمس في عدة قليلة وتلك عادة لا يؤمن اغتيال الأعداء فيها فوقع من عم إحسانه آمن أعداءه.
3- وما أحسن ما قال عبد الملك بن مروان يا أهل الشام أنا لكم كالظليم- ذكر النعام- الرائح على فراخه ينفي عنهم القذر ويباعد عنهم الحجر ويظلهم من المطر ويحميهم من الضباب ويحرسهم من الذئاب يا أهل الشام أنتم الجبة – الثوب- والرداء.
4- وقال بعض الحكماء أسوس الناس من قاد أبدان الرعية إلى طاعته بقلوبها فلا ينبغي للوالي أن يرغب في الكرامة التي ينالها من العامة كرها ولكن في الذي يستحقها بحسن الأثر وصواب التدبير
5- وقال عمر بن عبد العزيز: إني لأجمع أن أخرج للمسلمين أمرا من العدل فأخاف ألا تحتمله قلوبهم فأخرج معه طمعا من طمع الدنيا فإن نفرت القلوب من هذا سكنت إلى هذا.
6- وقال معاوية بن أبي سفيان لزياد بن أبيه : من أسوس أنا أو أنت فقال يا أمير المؤمنين ما جعل الله رجلا حفظ الناس بسيفه كمن أسمع الناس وأطاعوا له باللين.
7- ويروى أن مولى زياد فخر بزياد عند معاوية فقال معاوية: اسكت فما أدرك صاحبك شيئا بسيفه إلا أدركته بكلامي.
8- وجاء في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى :" ما أحد أصبر على أذى من الله يجعلون له ولدا وهو يرزقهم ويعافيهم ويعطيهم ويكلؤهم في مضاجعهم كأنهم لم يعصوني".

اقرأ أيضا:

من القلب إلى القلب.. هكذا حال العباد مع مراقبة الله