يجمع الفقهاء وأهل العلم أن الاستغفار هو طلب المغفرة من الله جل جلاله بأجمل العبارات مع اقتران الطلب باسم الله، وفيها توسل إلى الله، وإقرار بألوهية اللَّه تبارك وتعالى، وعزم على التوبة في الحال والمستقبل عن جميع الذنوب والمعاصي وكل مايغضب الله.

وبل يتضمن الاستغفار -إضافة- إلى طلب التجاوز عن الذنوب طلباً آخر وهو سترها وترك العقاب عليها من الرب جل جلاله.

ويعرف قطاع من الفقهاء الاستغفار بأنه  الإكثار من عمل الصالحات والإقبال عليها، واستكبار الفاسدات والإعراض عنها. وقال أهل الكلام الاستغفار طلب المغفرة بعد رؤية قبح المعصية، والإعراض عنها. وقيل استصلاح الأمر الفاسد قولا وفعلا فيما رأي أخرون أن الاستغفار يسير في إطار  توبة العبد واستغفاره عمّا ارتكب من أخطاءٍ في حياته بفوائد جليلة وآثارٍ عظيمةٍ تنفعه وتقوّيه في نفسه وحياته .

ما هو الاستغفار ؟

فيما يقول بعض اللغويين :اغفروا هذا الأمر، أي أصلحوه بما ينبغي أن يصلح به. والاستغفار عند الفقهاء: سؤال المغفرة كذلك، والمغفرة في الأصل: الستر، ويراد بها التجاوز عن الذنب وعدم المؤاخذة به، وأضاف بعضهم: إما بترك التوبيخ والعقاب رأسا، أو بعد التقرير به فيما بين العبد وربه.

وفي هذا السياق حث الله تعالى نبيه محمداً على طلب المغفرة. قال تعالى:"وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا"،وقال تعالى:"فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا"،وقال الله تعالى: "وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ"،ولهذا كان النبي يكثر الاستغفار،

عن أبي هريرة قال سمعت رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "والله إني لأستغفر اللَّه وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة".

اظهار أخبار متعلقة

وكذلك روي  وعن الأغر بن يسار المزني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة" وكان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً

ولم يختلف الأمر فيما روي عن  ثوبان حيث قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاًوقال اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام .قال الوليد فقلت للأوزاعي كيف الاستغفار قال تقول أستغفر الله أستغفر الله .قال النووي : قوله : " إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا " المراد بالانصراف السلام .

فضائل الاستغفار

ومن الثابت التأكيد علي أن للاستغفار العديد من الفوائد والفضائل التي يجب علي العبد المؤمن الإكثار منه وجعله سلوكا يوميا يسعي من خلاله للتقرب من الله والتعلق به ، فكلّما انشغل المسلم بذكر الله زاد قُربه منه.

تفريج الكرب وانشراح الصدور، وذهاب الهموم والغموم يبدو حاضرا بقوة ضمن فوائد الاستغفار والتوبة عن المعاصي حيث يحاول المؤمن استجداء عفو الله ونيل رحمته وهي تحية يرد عليه ربه بأفضل منها عبر تفريج كربه وإزالة همه وانشراح صدره ودفعه للإكثار من الطاعات.

اظهار أخبار متعلقة

الإكثار من الاستغفار يعد سببٌا في دخول جنّات النعيم والتمتع بما أعدّ الله -تعالى- لأهلهابل  وسببٌا في صفاء القلب ونقائه، والشعور بالراحة والطمأنينة.

ولعل من أهم فوائد الاستغفار كونه مكفّراٌ للذنوب؛ فالإكثار من الاستغفار والمداومة عليه من أسباب مغفرة صغائر الذنوب وكبائرها إن تحقّقت شروط التوبة أيضاً، علماً أنّ آراء العلماء قد اختلفت في هذا الأمر على النّحو الآتيحيث ذهب  "الشافعية": القول بأنّ الاستغفار إن كان مقصد العبد فيه الانكسار والافتقار دون التوبة يكفّر صغائر الذنوب لا كبائرها.

فيما رأي المالكية   والحنفية والحنابلة": أن الاستغفار دون التوبة يكفّر جميع الذنوب، فتشمل الكبائر والصغائر. سببٌ في دفع البلاء الّذي قد يصيب العبد، وطريق لحلّ المشكلات التي تواجهه، والتّغلب على الصعوبات التي تعترضه في حياته.

الاستغفار وتكفير الذنوب

الاستغفار كذلك يعد سببا في نزول الغيث وبركة المال وإنبات النبات، قال تعالى: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًافضلا عن كونه  سببٌا للإمداد بالقوّة والمنعة، قال تعالى: "وَيا قَومِ استَغفِروا رَبَّكُم ثُمَّ توبوا إِلَيهِ يُرسِلِ السَّماءَ عَلَيكُم مِدرارًا وَيَزِدكُم قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُم وَلا تَتَوَلَّوا مُجرِمينَ"

فضائل الاستغفار التي لا تحصي لن تنتهي بل أن الرسول صلي الله عليه وسلم وعد من يكثر من الاستغفار ان تسره صحيفته يوم القيامة بالقول : "هنيئًا لِمَن داوم على الاستغفار، فجاء يوم القيامة قد ذهبت سيئاتُه هباءً، وتضاعَفَتْ حسناتُه وعظُمَت، فعن عبدِالله بن بُسْر رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " «طُوبَى لِمَن وَجَد في صحيفته استغفارًا كثيرًا» "؛ أخرجه ابن ماجه بسند حسن.

اقرأ أيضا:

كيف تكون صادقًا مع الله ومع النفس ومع الآخرين؟.. تعرف على أهم الوسائل

ولا يغيب عنا هذا السياق أن الإكثار من الاستغفار يعد سببٌا في استحقاق ونيل رحمة الله تعالى، قال تعالى: (قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ

فضلا عن اعتباره أداة لنجاة في النجاة من النار، وفي المقابل نيل الدرجات الرفيعة في الجِنان

لرفعة مقام الاستغفار فقد ورد الترغيب في الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات والدعاء لهم عموماً، من ذلك قوله تعالى: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وفي الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة".