يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ » (النساء)، فالله سبحانه وتعالى عليم بكل شيء لأنه سبحانه خارج الزمان، ليس قبله شيء، وليس بعده شيء، هو الذي خلق البداية وهو الذي خلق النهاية، ولذلك فهو عليم في كل الأزمان وبكل الازمان.

فهو عليم بكل شيء لأنه هو الذي خلق كل شيء.. عليم بالظاهر الذي يعلمه غيره من الملائكة والملأ الأعلى أو يعلمه الأنبياء والأولياء أو يعلمه الناس فيما يحدث أمامهم ، لكنه ايضًا عليم بذات الصدور وعليم بالباطن وعليم بالنيات.. وعليم بكل شيء بمعنى أنه عليم بما لم يحدث كيف لو كان قد حدث وما الذي يترتب عليه حين إذن.

عالم كل شيء

الله سبحانه وتعالى يعلم كل شيء، كان أو لم يكن، أتى أو لم يأتِ بعد، فهو يتحدى الكون كله بأنه عليم بكل شيء مهما كان، في الأرض أو في السموات أو باطن الأرض أو في باطن البحار والمحيطات، بل فوق ذلك فهو يرزق ويطعم أدق المخلوقات في باطن المحيط، وهي التي لا يراها الإنسان بالعين المجردة، فكيف به لا يعلم حالنا وهو خالقنا وخالق كل شيء العزيز الحميد.

وورد اسم الله (العليم) في القرآن الكريم في أكثر من مائة وسبعة وخمسين موضعًا، قال تعالى: « قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ » (البقرة: 32)، وقال أيضًا سبحانه وتعالى: « قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ » (الأنبياء: 4).

ومن ثم فإن علم الله تعالى أزلي أبدي لم يُسبق بجهل، ولا يلحقه نسيان، قال نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام لفرعون حين سأله: « قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى * قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى » 0طه: 51-52).

اقرأ أيضا:

لماذا موسى عليه السلام.. أكثر الأنبياء ذكرًا في القرآن.. تعرف على الحكمة

راقب نفسك

قبل أن تنطق بالكلمة فإن الله يعلمها، بل ويعلم نيتها، هل هي في خير أم للسخرية، هل لوجه الله تعالى أم للتفاخر، قال تعالى: « وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى » (طه: 7)، فاحذر لكل كلمة ولكل فكرة تدور في خلدك لأن الله يعلمها، قال تعالى: « يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ » (غافر: 19).

يعني أن تنظر على وجه الخفاء الذي لا يدركه الناس ولكن الله يعلمه، فهو يعلم خائنة الأعين، ويعلم ما تخفي الصدور من النيات الحسنة والنيات السيئة، بل يعلم ما توسوس به النفوس « وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ » (ق: 16).