للموت تأثيره الشديد في نفوس البشر، فترى من مات أبيه أو أمه، يبكي ليل نهار على فراقهما، فكيف بك أنت حينما تفارق الدنيا وما فيها، أوتدري من سيبكي عليك؟.. هل تدري أنك تستطيع أن تجعل الأرض تبكي عليك بعد موتك، فقط عليك بسجدة في كثير من الأماكن، وفي كل مكان تذهب إليه، فتزيد سجداتك فيكون لك من كل مكان سجدت فيه، موقع يبكي عليك بعد مماتك.
يقول الإمام عطاء الخراساني رحمه الله: «ما من عبد يسجد لله سجدة في بقعة من بقاع الأرض إلا شهدت له يوم القيامة وبكت عليه يوم يموت»، وقيل: بكاؤهما حمرة أطرافهما، فانظر عزيزي المسجد كل هذا الفضل، فقط لمجرد سجدة، فما بالك إذا كنت من الشاكرين الساجدين لله أينما كنت، لاشك أن الأرض ستحبك في محياك، وتبكي عليك يوم مماتك.
الرفعة الحقيقية
اعلم يقينًا أن في السجود لله، الرفعة الحقيقية للإنسان، فالسجود لغير الله مذلة، أما السجود له ففيه كل العز والرفعة.
عن الأوزاعي قال حدثني الوليد بن هشام المعيطي قال حدثني معدان بن طلحة اليعمري قال لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له دلني على عمل ينفعني الله به ويدخلني الجنة فسكت عني مليا ثم التفت إلي فقال: «عليك بالسجود فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة».
لم يجد نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، أهم أو أعلى أو أعظم من السجود لرب العالمين، فهو أمر في فعله يعني النزول بكامل جسدك إلى الأرض تذللا لله عز وجل، بينما هو في الحقيقة كلما نزل العبد المؤمن لله، رفعه الله درجة، وما ذلك إلا تكريمًا من الله الخالق الجبار لعبده المؤمن به والمتوكل عليه.
اقرأ أيضا:
لماذا تبوأ الصحابة هذه المكانة العالية في الإسلام ولم يكن غيرهم؟فضل السجود
أقصى أماني المؤمن أن يدخل الجنة، وينال رضا الرحمن، ويكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم فيها، غير أن هذه الأمنية تحتاج من العبد العمل الجاد والمتواصل، وذلك لأن الجنة سلعة غالية، والشيء الغالي لابد له من ثمن يقدمه المرء ويدفعه مهما كان قدر هذا الثمن.
ولأجل هذا أجاب النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله مرافقته الجنة أن يكثر من النوافل وعبر عنها بالسجود، فعن ربيعة بن كعب الأَسلمي رضي الله عنه قَالَ : «كنت أبِيت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأتيته بِوَضوئِه وحاجته فَقَالَ لِي : « سل ». فقلت أَسألك مرافقتك في الْجَنَّة. قال : أوَ غير ذلك، قلت هو ذاكَ، قَالَ : فَأَعِنِّى عَلَى نفسك بكثرة السجود»،
فإذا ربطنا بين فضل وأهمية السجود وبين بكاء الأرض، سنعلم أن هذه الأرض إنما تعلم أيضا فضل السجود، وأن مأوى صاحبه الجنة لاشك، ومن ثم فهي تبكي عليه بعد موته.