يقول النبي صلى الله عليه وسلم "رُبَّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبرَّه"، فهؤلاء أولياء الله الذين تحدث عنهم النبي عليه الصلاة والسلام، هم من كانت الدنيا قد خرجت من قلوبهم، ضربوا لنا المثل في أن الإنسان ليس في مظهره وليس في مستواه الاجتماعي ولا في علم أو مال أو صحة أو سلطان ولكن قيمته في "القلب الضارع" إلى الله عز وجل وقلوبهم معلقة بالله، كانت الدنيا في يدهم لا في قلبهم، حينما نقرأ سيرتهم تقشعر الأبدان لعظم أخلاقهم وحبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشجاعتهم و حبهم للشهادة و الموت في سبيل الله.
من بين هؤلاء الصحابي الجليل البراء بن مالك .
والبراء ابن مالك يذهب نسبه إلى النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، وهو من الأنصار، وهو شقيق وأخو الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه.
ولد البراء بن مالك رضي الله عنه في المدينة المنورة.
كان البراء بن مالك رضي الله عنه بطلا مقداما، فلم يتخلف يوماً عن غزوة أو مشهد، وتعلم البراء الشجاعة من رسول الله صلي الله عليه وسلم كما تعلم منه حب الجهاد و الشهادة في سبيل الله.
من قصص شجاعته وجهاده، أنه كان حماسيا يعشق مواجهة أعداء الله، حتى أن عمر بن الخطاب كتب ذات مرة ألا تستعملوا البراء بن مالك على جيش من جيوش المسلمين فإنه مهلكة من المهالك يقدم بهم أي لفرط شجاعته.
وكان البراء بن مالك أيضا من صفاته أنه مستجاب الدعوة، فعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره" فقال أنس: "منهم البراء بن مالك" .
شجاعة البراء بن مالك في معركة اليمامة ؟
حينما ارتد كثير من المسلمين بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه وسلم في أيام خلافة الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه، قرر أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن يقاتلهم و بعث بجيوش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه لمحاربة المرتدين في معركة اليمامة.
قال خالد بن الوليد للبراء يوم اليمامة: قم يا براء وقل للمسلمين شيئا، فركب البراء فرسه فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يأهل المدينة لا مدينة لكم اليوم، و إنما هو الله وحده و الجنة.
فتحصن المرتدون في حديقة وأغلقوا الباب عليهم فطلب البطل الشجاع البراء بن مالك رضي الله عنه أن يرفعوه على الأسنة فوق الرماح و يلقوه في هذه الحديقة ليمكن من فتح الباب للمسلمين لقتل المرتدين، فقتل مسيلمة الكذاب رأس المرتدين و تم فعلا رفع البراء بن مالك رضي الله عنه على الأسنة فوق الرماح حتى تمكن من أعلى سورها ثم ألقى نفسه عليهم و نهض سريعا إليهم و لم يزل يقاتلهم وحده و يقاتلونه حتى تمكن من فتح الحديقة.
دخل المسلمون يكبرون و انتهوا إلى بيت مسيلمة الكذاب حتى قتل مسيلمة بحربة وحشي و بسيف أبي دجانة و تلقى جسد البراء بن مالك رضي الله عنه يومئذ بضعا وثمانين ضربة و لكن لم يمت في هذه المعركة ، وقد حرص القائد خالد بن الوليد على تمريضه بنفسه .
وفي حروب العراق لجأ الفرس إلى كلاليب مثبتة في أطراف سلاسل متوهجة بالنار، يلقونها من حصونهم، فتخطف من تناله من المسلمين الذين لا يستطيعون منها فكاكا، وسقط أحد هذه الكلاليب فجأة فتعلق به أنس بن مالك، و لم يستطع أنس أن يمس السلسلة ليخلص نفسه لانها كانت تتوهج نارا و شاهد البراء ذلك المنظر فأسرع نحو أخيه الذي ترتفع به السلسلة على سطح جدار الحصن، و قبض البراء على السلسلة بيديه وحاول بكل قوته أن يفكها ليخلص أخيه حتى قطعها و نجا أنس، بعد أن قطع الحبل ثم نظر إلى يديه فإذا عظامها تلوح قد ذهب ما عليها من اللحم .
مواقف البراء بن مالك مع النبي
عن أنس بن مالك يقول: كان البراء بن مالك رجل حسن الصوت فكان يرجز لرسول الله في بعض أسفاره فبينما هو يرجز إذ قارب النساء فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم: إياك و القوارير قال: فامسك.
وعن أنس قال: لقي أبي بن كعب البراء بن مالك فقال: يا أخي ما تشتهي؟ قال: سويقا وتمرا فجاء فأكل حتى شبع فذكر البراء ابن مالك ذلك لرسول الله، فقال: اعلم يا براء أن المرء إذا فعل ذلك بأخيه لوجه الله لا يريد بذلك جزاء ولا شكورا بعث الله إلى منزله عشرة من الملائكة يقدسون الله ويهللونه ويكبرونه ويستغفرون له حولا فإذا كان الحول كتب له مثل عبادة أولئك الملائكة وحق على الله أن يطعمهم من طيبات الجنة في جنة الخلد وملك لا يبيد.
وعن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كم ضعيف مستضعف ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره منهم البراء بن مالك ".
وإن البراء لقي زحفا من المشركين وقد أوجع المشركون في المسلمين فقالوا له يا براء إن رسول الله قال: " لو أقسمت على الله لأبرك فأقسم على ربك " . قال: أقسمت عليك يا رب منحتنا أكتافهم ثم التقوا على قنطرة السوس فأوجعوا في المسلمين فقالوا له يا براء أقسم على ربك فقال أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم وألحقني بنبي الله فمنحوا أكتافهم وقتل البراء شهيدا .
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورها