قدم رجل من خزاعة أيام المختار الثقفي- وكان يدعي النبوة- يقال له " سنيح"، فنزل على عبد الرحمن بن إبان الخزاعي، فلما رأى ما يصنع أتباع المختار من الإعظام له جعل يقول: يا عباد الله إن المختار يصنع هذا والله لقد رأيته يتتبع الإماء بالحجاز فبلغ ذلك المختار فدعا به وقال: ما هذا الذي بلغني عنك.
قال: الباطل، فأمر بضرب عنقه.. فقال: لا والله لا تقدر على ذلك، قال:ولم؟
قال الخزاعي: أما دون أن أنظر إليك وقد هدمت مدينة دمشق حجرا حجرا وقتلت المقاتلة وسببت الذرية ثم تصلبني على شجرة على نهر.. والله إني لأعرف الشجرة الساعة وأعرف شاطىء ذلك النهر.
فالتفت المختار إلى أصحابه فقال لهم: إن الرجل قد عرف الشجرة فحبس حتى إذا كان الليل بعث إليه فقال: يا أخا خزاعة أو مزاح عند القتل؟
قال: أنشدك الله أن أقتل ضياعاً، قال: وما تطلب ههنا؟ قال: أربعة آلاف درهم أقتضي بها ديني.
قال: ادفعوها إليه وإياك أن تصبح بالكوفة.. فقبضها وخرج عنه.
عجيبة أخرى:
كان سراقة البارقي من ظرفاء أهل الكوفة فأسره رجل من أصحاب المختار فأتى به المختار فقال له: أهذا قام بأسرك ؟
قال سراقة: كذب والله ما أسرني إلا رجل عليه ثياب بيض على فرس أبلق- يعني أحد الملائكة-.
فقال المختار: إلا أن الرجل قد عاين الملائكة خلوا سبيله. فلما أفلت منه أنشأ يقول:
ألا أبلغ أبا إسحاق إني ... رأيت البلق دهما مصمتات
أري عينيّ ما لم ترأياه ... كلانا عالم بالترهات
كفرت بوحيكم وجعلت نذرا ... عليّ قتالكم حتى الممات
اقرأ أيضا:
مواعظ مبكية بين عمر بن عبد العزيز والخليفة سليمانشبيب زعيم الخوارج:
ذكروا أن شبيبا بن يزيد الخارجي مرّ بغلام مستنقع في الفرات فقال له: يا غلام أخرج إني أسألك.
فعرفه الغلام فقال له: إني أخاف. أفآمن أنا إذا خرجت حتى ألبس ثيابي: قال: نعم، فخرج وقال: والله لا ألبسها اليوم.
فضحك شبيب وقال: خدعتني ورب الكعبة ووكل به رجلاً من أصحابه يحفظه إلا يصيبه أحد بمكروه.
قال: وكان رجل من الخوارج يقول:
فمنا يزيد والبطين وقعنب ... ومنا أمير المؤمنين شبيب
فانتشر بيت الشعر حتى سمعه عبد الملك بن مروان فأمر بطلب قائله فأتي به، فلما وقف بين يديه قال: أنت القائل: «ومنا أمير المؤمنين شبيب ... »
قال: لم أقل هكذا يا أمير المؤمنين إنما قلت: ومنا " يا أمير المؤمنين" - يعني عبد الملك أمير المؤمنين- شبيب.
فضحك عبد الملك وأمر بتخليه سبيله، فتخلص بدهائه وفطنته لإزالة الإعراب من الرفع إلى النصب.