مما يؤسف له كثيرًا هذه الأيام، عدم توقير العلماء، مع أن الشرع الحنيف، حث في نقاط كثيرة جدًا، على أهمية وضرورة توقير العلماء، وما ذلك إلا لدورهم العظيم في تنوير حياتنا، وأنهم مرآة لضمائرنا، نرى فيهم أخطاءنا وعيوبها، فنصلحها، كما نرى فيهم نجاحنا وعظيم قدوتنا، فننجح ونتقدم.
عن عبادة بن الصامت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : « ليس منا من لم يجل كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ، ويعرف لعالمنا حقه»، فهل تعرف لعالم حقه، أم أنك بالأساس لا تعرف من هم العلماء؟، ربما تعرف المطربين أو غيرهم، لكن تلهو عن العلماء، وإن كنت تعرف من هم العلماء، فهل تعرف قدرهم، وكيف يجب توقيرهم؟.. إن كنت لا تعرف أنت في مشكلة كبيرة جدًا.
ورثة الأنبياء
العلماء هم ورثة الأنبياء، وبالتالي يجب احترامهم وتوقيرهم على الشكل المطلوب، قال سبحانه: « يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ » (المجادلة: 11).
كما روى الإمام الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه: أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «إن العلماءَ ورثةُ الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورَّثوا العلم، فمن أخذ به أخَذ بحظ وافر».
لكن العلماء غير معصومين من الخطأ، وبالتالي يجب أن نلتمس لهم الأعذار فيما جانبهم فيه الصواب من أمور الشريعة، لأنهم بالأساس ما أرادوا إلا الوصول إلى الحق.
وعلينا أن نعي جيدًا أن اختلافهم فيما بينهم في الأمور الفقهية يرجع أساسًا إلى اختلاف أفهامهم في فهم نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المباركة، واستنباط الأحكام الشرعية منهما، وليس اختلاف من أجل الاختلاف وفقط، وإنما اختلاف من أجل الوصول لليقين دون أدنى شك.
أهل الخشية
الله عز وجل جعل هؤلاء العلماء أهل خشيته، فكيف بك لا توقهم على الشكل الذي يستحقونه؟، وما ذلك إلا لأن للعلم والعلماء مكانة في الدين لا يمكن إنكاره، وفضل كبير لا يمكن حصره.
فقد جاءت نصوص الشرع متوافرة متعاضدة تعزز من مكانتهم، وتبين فضلهم؛ فهم من شهود الله على أعظم مشهود به، وهو توحيد الله - عز وجل - كما قال - تعالى -: « شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ » (آل عمران: 18).
ويكفيهم شرفًا أن الله تعالى، رفع شأنهم، فجعلهم أهل خشيته من بين خلقه، « إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ » (فاطر: 289، كما أبى سبحانه وتعالى التسوية بينهم وبين الجهلة بشريعته، قال تعالى: « قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ » (الزُّمر: 9).