عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن القلوب تشم رائحة بعضها، وتدري ما فيها من دون أي كلام يصدر من هنا أو هنا.
يقول الصحابي الجليل عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: «لا تَسألنَّ أحدًا عَن ودِّه إيَّاك، ولكِن انظُر مَا فِي نَفسَك لَه، فإنَّ فِي نَفسه مِثل ذَلك، إنَّ الأروَاح جُنودٌ مُجنَّدة».. بينما يقول الشاعر: «القُلوبُ لهَا تعَارف وَتآلفٌ، وإنْ لم تَنطُق الألسُن.. وعلىٰ القُلوبِ مِن القُلوبِ دلائِلُ.. بالودِّ قَبل تشاهدِ الأرواح».
وعن أنس رضي الله عنه أن رجلا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر به فقال يا رسول الله إني لأحب هذا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أأعلمته قال لا قال أعلمه فلحقه فقال إني أحبك في الله فقال أحبك الذي أحببتني له.
أمر بالحب
الإسلام يدعو صراحة إلى الحب والمودة بين الناس، بل أنه ينهي تمامًا عن أي يضمر أحدهم في قلبه غضبًا أو كرهًا لآخر.
يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه: «والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم».
ففي هذا دليل على أن المحبة من كمال الإيمان وأنه لا يكمل إيمان العبد حتى يحب أخاه، وأن من أسباب المحبة أن يفشي الإنسان السلام بين إخوانه أي يظهره ويعلنه ويسلم على من لقيه من المؤمنين سواء عرفه أو لم يعرفه فإن هذا من أسباب المحبة.
ولذلك إذا مر بك رجل وسلم عليك أحببته وإذا أعرض كرهته ولو كان أقرب الناس إليك فالذي يجب على الإنسان أن يسعى لكل سبب يوجب المودة والمحبة بين المسلمين.
تعارف وتآلف القلوب
القلوب لها تعارف وتآلف وإن لم تنطق الألسن، وكما قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: «الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف»، لكن إذا قال الإنسان بلسانه فإن هذا يزيده محبة في القلب فتقول "إني أحبك في الله".
عن مُعَاذٍ رضي الله عنه، أَن رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، أَخَذَ بِيَدِهِ وَقالَ: «يَا مُعَاذُ واللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ، ثُمَّ أُوصِيكَ يَا مُعاذُ لاَ تَدَعنَّ في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ تَقُولُ: اللَّهُم أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ، وحُسنِ عِبَادتِك».
رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأنه أراد أن يعلم سيدنا معاذ أنه يحبه أولاً، ثم بعد ذلك ينصحه، وهنا أصل الأمور، الحب والمودة تأتي قبل النصيحة، فعلينا أن نبعد عن قلوبنا الغل والحقد والحسد ليكتمل ديننا وإيماننا.
اقرأ أيضا:
لو الدنيا ضدك وأمورك معطلة.. ابحث عن السبب بهذه الطريقة