هذه العباد يحبها الله جدًا ويفرح بها .. احرص عليها

بقلم | محمد جمال حليم | الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 10:38 ص

الله تعالى يفرح بالطاعة التي يحرص المؤمن على أدائها وبهاذ فإن على المؤمن الاجتهاد في الطاعة لا سميا العبادات التي صرح الله بأنه يحبها ويفرح بها.

ومن الطاعات الجليلة التي جاءت في السنة النبوية المهرة والتي أثبتت فرح الله بها عبادة التوبة فإذا أذنب المسلم واعترف بذنبه واقبل على ربه ومولاه نادما تائبا فإن الله يحب منه ذلك؛ وقد ثبت فرح الله جل جلاله بهذه الطاعة العظيمة التي هي من أجل طاعات العباد في حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ) .

وقد علق شيخ الإسلام ابن القيم، رحمه الله: على هذا الحديث وهذا الفرح من الرب للعب بقوله "ولو كان في المفروح به أعلى من هذا المثال لذكره؛ فتأمل سائرا وحده بأرض مَفازة مَعْطَشَة، لا ماء بها ولا زاد، ضلت راحلته فيها، فاشتد جوعه وظمأه، فأيس من الحياة، فاضطجع في أصل شجرة ينتظر الموت، ثم استيقظ؛ فإذا الراحلة قائمة على رأسه وعليها طعامه وشرابه، كما جاء ذلك مصرحا به في بعض طرق هذا الحديث؛ فهل في الفرح قط أعظم من هذا؟

وأضاف: أن لهذا الفرح بتوبة العبد سر أكثر الخلق محجوبون عنه لا تبلغه عقولهم، وبه يُعرف سرُّ تقدير ما يُتاب منه على العبد، لأنه يترتب عليه ما هو أحب إلى الرب سبحانه من عدمه؛ فلو لم يكن في تقدير الذنب من الحكم إلا هذه وحدها، لكانت كافية؛ فكيف وفيه من الحكم ما لا يحصيه إلا الله مما ليس هذا موضعه".

ومعلوم أن فرحته تعالى بتوبة عبده لأن رحمته سبقت غضبه، وكل ما كان من صفة الرحمة فهو غالب لما كان من صفة الغضب؛ فإنه سبحانه رحيم، ورحمته من لوازم ذاته كعلمه وقدرته وحياته وسمعه وبصره وإحسانه، فيستحيل أن يكون على خلاف ذلك، وليس كذلك غضبه، فإنه ليس من لوازم ذاته، ولا يكون غضباناً دائماً غضباً لا يتصور انفكاكه. ورحمته وسعت كل شيء، وغضبه لم يسع كل شيء، وهو سبحانه كتب على نفسه الرحمة، ولم يكتب على نفسه الغضب، ووسع كل شيء رحمة وعلماً، ولم يسع كل شيء غضباً وانتقامًا.

والتوبة باب مفتوح أمام العبد ما لم يغرغر قال تعالى : " إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا * جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا "، وهي تنشئ الإيمان والعمل الصالح، فتحقق مدلولها الإيجابي الواضح .. تُنجي من ذلك المصير فلا يلقى أصحابها (غيًا)، إنما يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئًا .

فوعلي فإن من ما أعظم بركات الاستغفار والإنابة إلى الله، بهما تُستنزل الرحمات، وتبارك الأرزاق، وتكثر الخيرات، ويعطي الله الأموال والبنين، ويغفر الذنب، ويمنح القوة والسداد والرشاد .