في الجنة يأكل المؤمن أشهى الأطعمة، ويشرب أشهى المشروبات، إلا أنه لا يتبول أو يتغوط قط.
عن جابر بن عبدالله، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيأكلُ أهلُ الجنة؟ قال: «نعم، ويشربون، ولا يَبُولُون فيها، ولا يتغوَّطون، ولا يتنخَّمون، إنما يكون ذلك جُشَاءً ورشحًا كرشحِ المسك، ويُلهَمُون التسبيح والتحميد، كما يلهمون النَّفَس».
والحديث يكشف عن مدى النعيم المقيم الذي لا ينفد لكل مسلم في الجنة، إذ تشتاق إليه النفوس، ويزيد به الإيمان، ويحلو به الكلام، وتطمئن به القلوب، لأن النفس تميل إلى معرفة الثمار التي من أجلها ترك الإنسان المحرمات وترك المكروهات، ولكن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
طعام الجنة
أول طعام أهل الجنة زيادة كبد الحوت، وذلك لما أخرجه البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أمّا أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، وأمّا أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت».
أما إن سألت عن طعام أهل الجنة وشرابهم، وجدت ما يشفي قلبك ويتوق له عقلك؛ فإن فيها الفواكه والثمرات الكثيرة التي لا تشبه ما في الدنيا وهي سهلة المنال لهم، ولا يشق عليهم جنيها، قال الله تعالى: «وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً»، ومن ثمّ فإن فيها فواكه مما يشتهون، ولحم طير، وفي الجنة ثمار ولحوم لأهلها ليست كالتي في الدنيا.
قال تعالى: « وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ » (الطُّور:22)، وفي آية أخرى « وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ » (الواقعة: - 21)، وفي ثالثة « إِنَّ المُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ » (المرسلات:41 - 42).
اقرأ أيضا:
هل تعرضتِ للخيانة الزوجية؟.. "أم حبيبة" رأت ما هو أبشع فكيف عوضها ربها؟ثمار الجنة
فثمار الجنة كثيرة جدًا ولا تعد ولا تحصى، فإذا كانت ثمار الدنيا لا يكاد يحصيها الواحد من الناس، بل الجماعة منهم، فكيف بثمار الجنة، وهي ثواب الله تعالى لعباده المؤمنين « جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأَبْوَابُ * مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ » (ص:50 - 51).
وفي آية أخرى « وَتِلْكَ الجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ » (الزُّخرف:72 - 73)، ويكفي في الدلالة على ذلك قول الله تعالى « وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ » (محمد:15)، بل يخبر الله تعالى عما هم فيه من السرور، والاشتغال بالنعيم الذي ليس له مثيل، بقوله سبحانه: « إِنَّ أَصْحَابَ الجَنَّةِ اليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ » (يس:55-57).