تكثر الشكوى من عدم الخشوع في الصلاة، فترى الرجل بمجرد دخوله المسجد ينشغل بأموره الدنيا، ويظل يفكر فيها حتى خروجه، وينسى أنه ليس من صلاته إلا ما عقل منها.
لذلك ترى الكثير يتساءلون عن كيفية الخشوع في الصلاة؟، والإجابة ببساطة: (أن تحسن الاستعداد للصلاة كما لو أنك ستذهب لملاقاة شخصية عظيمة، فتخيل أنك بالصلاة تلتقي بأعظم العظماء وملك الملوك ذاته، كما عليك بالطمأنينة وعدم الإسراع، وتدبر الآيات المقروءة، والتفكر في عظمة الخالق سبحانه وتعالى، والنظر إلى موضع السجود، وعدم الالتفات ورفع البصر، وأن يعلم أن يقف بين يدي الله تعالى ومن ثمّ عليه أن يحسن الوقوف، مع ترتيل القرآن بشكل جيد، وألا يشغل باله بأي شيء مهما كان عن الصلاة، وألا يصلي وهو قد غلبه النعاس).
مدح الخاشعين
الله عز وجل مدح الخاشعين الخائفين المنكسرين لعظمته، فقال « فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ » (الأنبياء: 90)، وقال أيضًا سبحانه وتعالى: « إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ » (الأحزاب: 35).
كما مدح الله الخاشعين في أشرف العبادات وهي الصلاة، فقال تعالى: « الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ » (المؤمنون: 2).
فأول أسباب الفلاح في الدنيا والآخرة الخشوع في الصلاة، فالصلاة بلا خشوع كالجسد بلا روح، لذا كان النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه: «اللهم لك ركعتُ وبك أمنت ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري»؛ كأنه يلزم الخشوع حتى في أقواله وأنفاسه وحركاته.
اقرأ أيضا:
8فضائل للنهي عن المنكر .. سفينة المجتمع للنجاة ودليل خيرية الأمة الإسلامية ..تكفير للذنوب ومفتاح عداد الحسناتخشوع القلب
عليك عزيزي المسلم، أن تسأل الله عز وجل دائمًا أن يرزقك الخشوع في كل أحوالك، واعلم أن قلبك هو محل الخشوع فعلمه ودربه على ذلك، فقد كان النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم أيضًا يدعو ويقول: «اللهم إني أعوذ بك من علمٍ لا ينفع، ومن قلبٍ لا يخشع، ومن عينٍ لا تدمع، ومن دعوةٍ لا تُسمع».
وقال الله جل في علاه مبينًا أهمية الخشوع في الصلاة: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا » (النساء: 43).
فمن الناس من يصلي وله خُمس الأجر من صلاته، ومنهم السدس ومنهم العشر، بل إن منهم من يصلي ولا تقبل منه صلاته، وهو ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: «إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عُشر صلاته، تُسعها، ثُمنها، سُبعها، سُدسها، خُمسها، ربُعها، ثُلثها، نُصفها».