يا من تتعمد أن تتقي الناس، ولا تتقي الله عز وجل، اعلم أن اتقاء الناس لن يجلب لك أي شيء، لأنهم لا يمكنهم أبدًا أن يمنعوا عنك قدر الله، بينما إن اتقيت الله عز وجل، كفاك كل الناس لأنه القادر على كل شيء سبحانه وتعالى.
قال تعالى موجهًا حديثه إلى رسوله الأكرم صلى الله عليه وسلم، يعلمه أهمية ن يخشى الله أولا وقبل كل شيء، «وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا» (الأحزاب 37).
خشية الناس
فالذي يتابع الناس في تصرفاته، وينسى الله -والعياذ بالله-، فإنه في إفك عظيم، وذنب كبير، يجب التوبة منه من فوره.
ومن الأمثلة البسيطة التي تجد العبد فيها يخشى الناس، ولا يخشى، أن الله يأمر الرجل بأن يرفع من لبسه فوق كعبه، فترى البعض يطيل حتى تنزل تحت قدميه، وإذا سألته لِمَ لا تستجيب لأمر النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم الذي حذر بأن ما أسفل الكعبين من الإزار في النار؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم أيضًا: «من وطئ على إزاره خُيلاء، وطئ في نار جهنم»، لرأيت لسان حاله يقول لك: أخاف انتقاد الناس لي، أو سخريتهم مني، فهو يخشى الناس ولا يخشى عقاب الله، ونسي قول الله تعالى: « فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ » (المائدة: 44).
ولو سألت الناس في كثير من الأمور التي باتت عادية الآن كحلق اللحى، ترى الرد بأنهم يخشون سخرية الناس، وهؤلاء ينسون قول الله تعالى: « أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ » (التوبة: 13).
اقرأ أيضا:
أخطرها فتنة النساء والمال.. كيف تتعامل مع الفتن وتنقذ نفسك منها؟مظهري أمام الناس
أيضًا لإبداء مظهره أمام الناس بشكل يلفت الانتباه، ترى البعض ينفق في غير حق، اتقاءً للناس وكلامهم، إذ ترى بعض الناس يبالغون في الإسراف في ولائم الزواج، ولو سألت أحدهم عن سبب إسرافه أو تبذيره، لوجدت أنه الخوف من كلام الناس، الخوف أن ينتقدوه أو يعيروه بأنه لم يؤدي واجب الضيافة، ولكنه لم يخف من بغض الله للمسرفين، حيث قال: « وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ » (الأنعام: 1419).
وهذا سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه حين دخل عليه ضيف، قدم له ما لديه ولم يتكلف له، فعلل فعله ذلك بقوله: لولا أن رسول الله نهانا أو قال: لولا أنا نُهينا أن يتكلفَ أحد لصاحِبِه، لتكلفنا لك، فلم يخف من كلام الناس وانتقادهم، وإنما فعل ما يرى أن الصواب.